للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مشيخةُ قومك وسَرَواتُهم يستأذنون عليك. قال: أدخلهم. فلما أُدخلوا عليه قالوا: يا أبا طالب، أنت كبيرنا وسيدنا، فأنصفنا من ابن أخيك، فمُرْه فليكُفَّ عن شتم آلهتنا، ونَدَعَه وإلهَه. قال: فبعث إليه أبو طالب؛ فلما دخل عليه رسول الله قال: يا بنَ أخى، هؤلاء مشيخة قومك وسَرَواتُهم، وقد سألوك النَّصَفَ؛ أن تكفَّ عن شتم آلهتهم، ويَدَعُوك وإلهَك. قال: فقال: "أي عَمِّ، أَوَ لا أَدْعُوهم إلى ما هو خيرٌ لهم منها؟ ". قال: وإلامَ تدْعُوهم؟ قال: "أدْعُوهم إلى أن يتكلموا بكلمةٍ تَدين لهم بها العربُ، ويملكون بها العَجَمَ". قال: فقال أبو جهل من بين القومِ: ما هى وأبيك؟ لنُعطِينَّكَها وعشرَ أمثالِها. قال: "تقولون: لا إله إلا الله". قال: فنفَروا وقالوا: سَلْنا غيرَ هذه. قال: "لو جئتُموني بالشمسِ حتى تضعوها في يدى، ما سألتكم غيرَها". قال: فغضبوا، وقاموا من عنده غضابًا، وقالوا: واللَّهِ لنشتُمَنَّك وإلهك (١) الذى يأمرك بهذا. ﴿وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى ءَالهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ﴾ إلى قوله: ﴿إِلَّا اخْتِلَاقٌ﴾. وأقبل على عمِّه، فقال له عمِّه: يا بنُ أخى، ما شطَطْتَ عليهم. فأقبل على عمِّه، فدعاه فقال: "قل كلمةً أَشْهَدُ لك بها يومَ القيامةِ، تقول: لا إله إلا الله". فقال: لولا أن تعيبَكم بها العربُ، يقولون: جزِع من الموتِ لأعطَيتُكها، ولكن على ملةِ الأشياخِ. قال: فنزلت هذه الآيةُ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ (٢) [القصص: ٥٦].

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قوله: ﴿وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى ءَالهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ﴾. قال: نزلت حين انطلق أشراف قريشٍ إلى أبي طالبٍ، فكلَّموه في


(١) سقط من: م، ت ٢، ت ٣.
(٢) ذكره السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٩٥ إلى قوله: ﴿إلا اختلاق﴾. وعزاه إلى المصنف وابن أبي حاتم.