للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجْهُ اللهِ﴾ (١).

وقال آخرون: بل نزَلت هذه الآيةُ في سببِ النجاشيِّ؛ لأنَّ أصحابَ رسولِ اللهِ تَنازعوا في أمرِه؛ مِن أجلِ أنه مات قبلَ أن يُصَلِّىَ (٢) القبلةَ، فقال لهم اللهُ: المشارقُ والمغاربُ كلُّها لي، فمَن وَجَّه وجهَه نحوَ شيءٍ منها يريدُنى به، ويَبْتَغِى به طاعتي، وجدَنى هنالك. يعنى بذلك أن النجاشيَّ وإن لَمْ يكن صَلَّى (٢) القبلةَ، فإنه كان يُوجِّهُ إلى بعضِ وُجوهِ المشارقِ أو المغاربِ وجْهَه، يَبْتَغى بذلك رضا اللهِ في صلاتِه.

ذِكْرُ مَن قال ذلك

وحدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: حَدَّثَنَا [معاذُ بنُ هشامٍ] (٣)، قال: حَدَّثَنِي أبي، عن قتادةَ أن النَّبِيَّ قال: "إن أخاكم النَّجاشيَّ قد مات فصَلُّوا عليه". قالوا: أَنُصَلِّى على رجلٍ ليس بمسلمٍ! قال: فنزلَت: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ﴾ [آل عمران: ١٩٩]. قال قتادةُ: فقالوا: وإنه كان لا يُصَلِّى (٢) القبلةَ. فأنزَل اللهُ: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ﴾ (٤).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك [أن يقالَ] (٥): إن اللهَ تعالى ذِكْرُه إنما خصَّ الخبرَ عن المشرقِ والمغربِ في هذه الآيةِ بأنهما له مِلْكًا -وإن كان لا شيءَ إلَّا وهو له


(١) أخرجه الترمذى (٣٤٥، ٢٩٥٧)، والدارقطني ١/ ٢٧٢، والواحدى في أسباب النزول ص ٢٥ من طريق وكيع به.
(٢) بعده في م: "إلى".
(٣) في م: "هشام بن معاذ"، وينظر تهذيب الكمال ٣٠/ ٢١٥.
(٤) سيأتى تخريجه في سورة آل عمران.
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.