للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آذاهم مُقامُك. فنُودِى في الناسِ: لا تَغْرُبُ الشمس وفيها أحدٌ مِن المسلمين قدِم مع رسولِ اللهِ (١).

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الزهريِّ، عن عروةَ بن الزبيرِ، عن المِسْوَرِ بن مَخْرَمةَ، قال: خرَج النبيُّ زمنَ الحديبيةِ في بضعَ عشْرةَ مائةً مِن أصحابِه، حتى إذا كانوا بذى الحُلَيْفَةِ قلَّد الهدىَ وأَشْعَره، وأَحْرَم بالعمرةِ، وبعَث بينَ يديه عينًا له مِن خُزاعةَ يُخْبِرُه عن قريشٍ، وسار النبيُّ ، حتى إذا كان بغَديرِ الأشْطاطِ قريبًا مِن عُشفانَ (٢) أتاه عينه الخُزاعيُّ، فقال: إني ترَكْتُ كعبَ بنَ لُوَّيٍّ وعامرَ بنَ لُؤَيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ، وجمَعوا لك جُموعًا، وهم مُقاتِلوك وصادُّوك عن البيتِ. فقال رسولُ اللهِ : "أَشِيروا عليَّ، أَتَرَوْن أَن تَمِيلَ على ذَراريِّ هؤلاء الذين أعانوهم فنُصِيبَهم، فإن قعَدوا قعَدوا مَوْتُورين مخروبين (٣)، وإن نجوا (٤) تَكُنْ عُنُقًا قطَعَها اللَّهُ؟ أم تَرَوْن أنا نَؤُمُّ البيتَ، فَمَن صدَّنا عنه قاتَلْنا؟ " فقام أبو بكرٍ فقال: يا رسولَ اللهِ، إنا لم نَأْتِ لقتال أحدٍ، ولكنْ مِن حال بينَنا وبين البيتِ قاتَلْناه، فقال النبيُّ : "فرُوحوا إذن" - وكان أبو هريرةَ يقولُ: ما رأيتُ أحدًا قطُّ كان أكثرَ مشاورةً لأصحابِه مِن النبيِّ فراحوا حتى إذا كانوا ببعضِ الطريقِ قال النبي : "إن خالدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خيلٍ لقريشٍ طليعةً، فخُذوا ذاتَ اليمينَ". فوالله ما شعَر بهم خالدٌ حتى إذا هو بَقَتَرةِ الجيشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نذيرًا لقريشٍ، وسار النبيُّ اللهُ حتى إذا كان بالثَّنِيَّة التي يُهْبَطُ عليهم منها برَكَت به


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٦٢٠. وأخرجه البيهقى ٥/ ٢١٧ من طريق عمر بن ذر به
(٢) في م: قعيقعان"، وفى ت ١: "عقيعان".
(٣) في ص، ت ١، ت،٢ ت ٣ "مخزيين"، وفى م: "محزونين". ومحروبين: مسلوبين منهوبين. النهاية ١/ ٣٥٨.
(٤) في م: "لحوا".