للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصيبٌ ولا فعلٌ، والثالثُ الذي قبَّح اللَّهُ هواه بعلمِه، فلا يَطْمَعُ هواه أن يَغْلِبَ العلمَ، ولا أن يَكُونَ [له مع العلمِ] (١) نِصْفٌ ولا نَصيبٌ، فهذا الثالثُ، وهو خيرُهم كلِّهم، وهو الذي قال اللَّهُ جلَّ ثناؤه في صورةِ الواقعةِ: ﴿وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً﴾. قال: فزَوْجان في الجنةِ، وزَوْجٌ في النارِ. قال: فالسابقُ الذي يَكُونُ العلمُ غالبًا للهوَى، والآخرُ الذي ختَم اللَّهُ له (٢) بإدالةِ العلمِ على الهوَى. فهذان زَوْجانِ في الجنةِ، والآخرُ هواه قاهرٌ لعلمِه، فهذا زوجُ النارِ.

واختلَف أهلُ العربيةِ في رفعِ (٣) "أصحابِ الميمنةِ وأصحابِ المشأمةِ"؛ فقال بعضُ نحويِّي البصرةِ: خبرُ قولِه: ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾، [وخبرُ قولِه] (٤): ﴿وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ﴾. قال: ويَقُولُ: زَيدٌ ما زَيدٌ! يُرِيدُ: زَيدٌ شديدٌ. وقال غيرُه: قولُه: ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ لا تكونُ الجملةُ خبرَه، ولكن الثاني عائدٌ على الأوَّلِ، وهو تَعَجُّبٌ، فكأنه قال: أصحابُ الميمنةِ ما هم! والقارعةُ ما هي! والحاقةُ ما هي! فكان الثاني عائدَ الأولِ، وكان تعجُّبًا، والتعجبُ بمعنى الخبرِ، ولو كان استفهامًا لم يَجُزْ أن يكونَ خبرًا للابتداءِ؛ لأن الاستفهامَ لا يكونُ خبرًا، والخبرُ لا يكونُ استفهامًا، والتعجبُ يكونُ خبرًا، فكان [خبرَ الابتداءِ] (٥). وقولُه: زيدٌ وما زيدٌ، لا يكونُ إِلَّا من كلامَيْنِ؛ لأنه لا تَدْخُلُ الواوُ في خبرِ الابتداءِ، كأنه قال: هذا زيدٌ وما هو: أي ما أشدَّه وما أعلمَه.

واختلَف أهلُ التأويلِ في المعنِيِّين بقولِه: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾؛ فقال


(١) في ص، ت ١، ت ٢: "له مع"، وفي م: "معه"، وفي ت ٣: "له معه".
(٢) في الأصل: "به"، وسقط من: ص، م، ت ١، ت ٢.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٣: "الرافع"، وفي ت ٢: "الواقع".
(٤) سقط من: ص، م، ت ٢، ت ٣.
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "خبرًا للابتداء".