للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بعضُ أهلِ العربيةِ مِن أهلِ البصرةِ يقولُ: اللِّينةُ مِن اللَّوْنِ، واللِّيانُ في الجماعةِ واحدُها اللِّينَةُ. قال: وإنما سُمِّيت لِينَةً لأنه فِعْلَةٌ (١) مِن فَعْلٍ، وهو اللَّونُ وهو ضَرْبٌ مِن النَّخْلِ، ولكن لمَّا انكسَر ما قبلَها انقلَبت إلى الياءِ. وكان بعضُهم يُنكِرُ هذا القولَ ويقولُ: لو كان كما قال لجمَعوه: اللِّوانُ لا اللِّيانُ.

وكان بعضُ نحويِّي الكوفةِ يقولُ: جَمْعُ اللِّينَةِ لِينٌ.

وإنما أُنزِلت هذه الآيةُ فيما ذُكر مِن أجْلِ أن رسولَ اللَّهِ لما قطَع نخلَ بني النَّضيرِ وحرَّقها، قالت بنو النَّضيرِ لرسولِ اللَّهِ : إنك كنتَ تَنْهى عن الفسادِ وتَعِيبُه، فما بالُك تقطَعُ نَحْلَنا وتُحَرِّقُها؟ فأنزَل اللَّهُ هذه الآيةَ، فأخبَرهم أَنَّ ما قَطَع مِن ذلك رسولُ اللَّهِ أو ترَك، فعن أَمْرِ اللَّهِ فعَل.

وقال آخرون: بل نزَل ذلك لاختلافٍ كان مِن (٢) المسلمين في قَطْعِها وتَرْكِها.

ذكرُ مَن قال: نزَل ذلك لقولِ اليهودِ للمسلمين ما قالوا

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ بنُ الفضلِ، قال: ثنا محمدُ بن إسحاقَ، قال: ثنا يزيدُ بنُ رُومانَ، قال: لما نزَل رسولُ اللَّهِ ، يعني ببني النَّضيرِ، تحصَّنوا منه في الحصونِ، فأَمَرَ رسولُ اللَّهِ بقَطْعِ النَّخْلِ والتَّحْرِيقِ فيها، فنادَوْه: يا محمدُ، قد كنتَ تَنْهى عن الفسادِ وتَعِيبُه على مَن صنَعه، فما بالُ قَطْعِ النَّخْلِ وتَحْرِيقِها؟ فأنزَل اللَّهُ: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ﴾ (٣).


(١) في ت ٢، ت ٣: "من فعيلة".
(٢) في ت ٢، ت ٣: "بين".
(٣) ذكره الزيلعي في تخريج الكشاف ٣/ ٤٣٨ عن المصنف، والأثر في سيرة ابن هشام ٢/ ١٩١، وأخرجه البيهقي في الدلائل ٣/ ٣٥٥ من طريق يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم.