للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾: وكان بدءَ (١) الصيامِ أُمِروا [بصيامِ ثلاثةِ] (٢) أيامٍ مِن كلِّ شهرٍ، وركعتين غُدْوَةً، وركعتينِ عشيَّةً، فأحَلَّ اللهُ لهم في صيامِهم في ثلاثةِ أيامٍ، وفي أوَّلِ ما افْتَرَض اللهُ عليهم في رمضانَ إذا أفْطَروا، وكان الطعامُ والشرابُ، وغِشيانُ النساءِ لهم حلالًا ما لم يَرْقُدوا، فإذا رقَدوا حَرُم عليهم ذلك إلى مثلِها مِن القابلةِ، وكانت خيانةُ القومِ أنهم كانوا يُصِيبون، أو يَنالون، مِن الطعامِ والشرابِ وغِشْيانِ النساءِ بعدَ الرقادِ، وكانت تلك خيانةَ القوم أنفسَهم، ثم أحَلَّ اللهُ لهم ذلك الطعامَ والشرابَ وغِشيانَ النساءِ إلى طلوعِ الفجرِ (٣).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ قال: كان الناسُ قبلَ هذه الآيةِ إذا رقَد أحدُهم مِن الليلِ رقدةً، لم يَحِلَّ له طعامٌ ولا شرابٌ، ولا أن يأتيَ امرأتَه إلى الليلةِ المُقْبِلةِ، فوقَع بذلك بعضُ المسلمين؛ فمنهم مَن أكَل بعدَ هَجْعتِه (٤) أو شرِب، ومنهم مَن وقَع على امرأتِه، فرخَّص اللهُ ذلك لهم (٥).

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمَّادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ، قال: كُتِبَ على النصارَى رمضانُ، وكُتِب عليهم ألا يأكُلوا ولا يشرَبوا بعد النومِ، ولا يَنكِحوا النساءَ شهرَ رمضانَ، فكُتِب على المؤمنين كما كُتِب عليهم، فلم يَزَلِ المسلمون على ذلك يَصْنَعون كما تصنعُ النصارَى، حتى أقبَلَ رجلٌ مِن


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "بدو".
(٢) في م: "بثلاثة".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٩٨ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٤) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "ضجعته".
(٥) تفسير عبد الرزاق ١/ ٧٠.