للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولِه: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾. قال: مشركاتُ أهلِ الأوثانِ (١).

وقال آخَرون: بل أُنْزِلت هذه الآيةُ مُرادًا بها كلُّ مشركةٍ مِن أىِّ أصنافِ الشركِ كانت، غيرُ مخصوصٍ منها مشركةٌ دونَ مشركةٍ، وَثَنيَّةً كانت أو مجوسيَّةً أو كتابيَّةً، ولا نُسِخ منها شيءٌ.

ذكرُ من قال ذلك

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ (٢) بنُ آدمَ بنِ أبي إياسٍ العَسْقَلانِيُّ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا عبدُ الحميدِ بنُ بَهْرامَ الفَزَارىُّ، قال: ثنا شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ، قال: سمِعتُ عبدَ اللهِ بنَ عباسٍ يقولُ: نهَى رسولُ اللهِ عن أصنافِ النساءِ إلَّا ما كان مِن المؤمناتِ المهاجراتِ، وحرَّم كلَّ ذاتِ دينٍ غيرِ الإسلامِ، وقال اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ [المائدة: ٥]. وقد نكَح طلحةُ بنُ عُبَيدِ اللهِ يهوديَّةً، ونكَح حذيفةُ بنُ اليمانِ نصرانيةً، فغضِب عمرُ بنُ الخطابِ غَضَبًا شديدًا، حتى همَّ بأن يَسْطُوَ عليهما، فقالا: نحن نُطَلِّقُ يا أميرَ المؤمنين ولا تَغْضَبْ. فقال: لئن حلَّ طلاقُهنَّ، لقد حلَّ نِكَاحُهنَّ، ولكن أنْتَزِعُهنَّ منكم صَغَرَةً قِماءً (٣).

وأَوْلَى هذه الأقوالِ بتأويلِ الآيةِ ما قاله قتادةُ مِن أن اللهَ تعالى ذكرُه عنَى بقولِه: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ مَن لَمْ يكنْ مِن أهلِ الكتابِ مِن المشركاتِ،


(١) أخرجه وكيع -كما في الدر المنثور ١/ ٢٥٦ - ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٩٧ (٢٠٩٦)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ ص ١٩٦، والبيهقي ٧/ ١٧١.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عبد". وينظر الجرح والتعديل ٥/ ٤٠٢.
(٣) قماء: جمع قميء، وهو الذليل والحقير الصغير.
والأثر ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٣٧٦ عن المصنّف، وقال: غريب جدًّا.