للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورُوِي عن ابنِ مسعودٍ مِن قِيلِه (١) خلافُ ذلك كلِّه، وهو ما حدَّثنا به أبو كُرَيْبٍ، قال: حدَّثنا المُحارِبيُّ، عن الأحوصِ (٢) بنِ حَكيمٍ، عن ضَمْرةَ بنِ حَبيبٍ، عن القاسمِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ، قال: إن اللَّهَ أنْزَل القرآنَ على خمسةِ أحرُفٍ؛ حلالٌ، وحرامٌ، ومُحْكَمٌ، ومُتَشَابِهٌ، وأمثالٌ، فأحِلَّ الحلالَ، وحَرِّمِ الحَرامَ، واعْمَلْ بالمُحْكَمِ، وآمِنْ بالمتشابهِ، واعْتَبِرْ بالأمثالِ (٣).

وكلُّ هذه الأخبارِ التي ذكَرْناها عن رسولِ اللَّهِ مُتَقارِبةُ المعاني؛ لأن قولَ القائلِ: فلانٌ مُقيمٌ على بابٍ مِن أبوابِ هذا الأمرِ، وفلانٌ مقيمٌ على وَجْهٍ مِن وجوهِ هذا الأمرِ، وفلانٌ مقيمٌ على حرفٍ مِن هذا الأمرِ. سواءٌ، ألا تَرَى أن اللَّهَ تعالى ذكرُه وَصف قومًا (٤) عبَدوه على وجهٍ مِن وجوهِ العباداتِ، فأخْبَر عنهم أنهم عبَدوه على حرفٍ فقال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ [الحج: ١١]. يعْني أنهم عبَدوه على وجهِ الشكِّ، لا على اليقينِ به (٥) والتسليمِ لأمرِه.

فكذلك روايةُ مَن روَى عن النبيِّ أنه قال: "نَزَل القُرآنُ مِن سَبعةِ أَبْوابٍ" و"نَزَل على سَبْعَةِ أَحْرْفٍ". سَواءٌ معناهما مُؤْتَلِفٌ، وتأويلُهما غيرُ مختلفٍ في هذا الوجهِ.

ومعنى ذلك كلِّه الخبرُ منه عما خصَّه اللَّهُ به وأمتَه مِن الفضيلةِ والكرامةِ


(١) في م: "قبله".
(٢) في ر: "أبي الأحوص". وينظر تهذيب الكمال ٢/ ٢٨٩.
(٣) أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن (١٢٩) من طريق ابن إدريس عن الأحوص، عن القاسم به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٦ إلى ابن المنذر. والقاسم لم يدرك ابن مسعود.
(٤) بعده في ص، ت ١: "أنهم".
(٥) سقط من: ص، م، ت ١.