للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأَلْقَى (١) ابنَ قيسٍ وقد ابْتَدَأ بذكرِه، وأخْبَر عن قتلِه أنه ذُلٌّ.

وقد زعَم بعضُ أهلِ العربيةِ أن خبرَ ﴿الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ﴾ متروكٌ، وأن معنى الكلامِ: والذين يُتَوفَّونَ منكم ويَذَرُون أزواجًا، يَنْبَغي لهن أن يَتَرَبَّصْنَ بعدَ موتِهم. وزعَم أنه لم يُذْكرْ موتُهم، كما يُحْذَفُ بعضُ الكلامِ، وأنَّ ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ رفعٌ؛ إذ وقَع موقعَ "ينبغي"، و"ينبغي" رفعٌ.

وقد دلَّلنا على فسادِ ما (٢) قال في رفعِ ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ بوقوعِه موقعَ "ينبغي" فيما مضَى (٣)، فأغْنَى عن إعادتِه.

وقال آخَرُ (٤) منهم: إنما لم يَذْكُرِ ﴿الَّذِينَ﴾ بشيءٍ؛ لأنه صار "الذين" في خبرِهم مثلَ تأويلِ الجَزاءِ: مَن يَلْقَك منا يُصِبْ خيرًا. الذي يَلْقاك منا يُصِيبُ خيرًا. قال: ولا يَجوزُ هذا إلا على معنى الجزاءِ.

وفي البيتين اللذين ذكَرْناهما دلالةٌ واضحةٌ على القولِ في ذلك بخلافِ ما قالا.

وأما قولُه: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾. فإنه يعني به: يَحْتَبِسْنَ بأنفسِهن مُعْتَدَّاتٍ عن الأزواجِ والطِّيبِ والزينةِ والنُّقْلةِ عن المسكنِ الذي كُنَّ يَسْكُنَّه في حياةِ أزْواجِهن - أربعةَ أشهرٍ وعشْرًا، إلا أن يَكُنَّ حوَاملَ، فيكونَ عليهن مِن التربُّصِ كذلك إلى حينِ وضعِ حَمْلِهن، فإذا وَضَعْن حملَهن انْقَضَت عِدَدُهن حينَئذٍ.

وقد اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم مثلَ ما قلْنا فيه.

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ


(١) في م: "فألغى".
(٢) في م: "قول من".
(٣) ينظر ما تقدم في ص ٢١٤.
(٤) في م: "آخرون".