للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطلَّقةٍ، فلا حاجةَ بالعبادِ إلى تكريرِ ذلك في كلِّ آيةٍ وسورةٍ. وليس في دَلالتِه على أن للمطلَّقةِ قبلَ المَسيسِ المفروضِ لها الصداقُ نصفَ ما فُرِضَ لها، دَلالةٌ على بُطولِ المتعةِ عنه؛ لأنه غيرُ مستحيلٍ في الكلامِ لو قيل: وإن طلَّقْتُموهنَّ من قبلِ أن تمسُّوهنَّ، وقد فَرَضْتُم لهنّ فريضةً فنِصفُ ما فرَضْتُم والمتْعةُ. فلما لم يكنْ ذلك مُحالًا في الكلامِ، كان معلومًا أن نصفَ الفريضةِ إذا وجَب لها، لم يَكُنْ في وجوبِه لها نفيٌ عن حقِّها مِن المتعةِ، ولمَّا لم يكنِ اجتماعُهما للمطلَّقةِ مُحالًا، وكان اللَّهُ تعالى ذكرُه قد دلَّ على وجوبِ ذلك لها، وإن كانت الدَّلالةُ على وجوبِ أحدِهما (١) في آيةٍ غيرِ الآيةِ التي فيها الدَّلالةُ على وجوبِ الأخرى - ثبَت وصحَّ وجوبُهما لها.

هذا، إذا لم يكنْ على أن للمطلَّقةِ المفروضِ لها الصداقُ إذا طُلِّقَت قبلَ المَسيسِ دلالةٌ غيرُ قولِ اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾. فكيف وفي قولِ اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ﴾. الدَّلالةُ الواضحةُ على أن المفروضَ لها إذا طُلِّقَت قبلَ المَسِيسِ، لها (٢) مِن المتعةِ مثلُ الذي لغيرِ المفروضِ لها منها؟ وذلك أن اللَّهَ تعالى ذكرُه لمَّا قال: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾. كان معلومًا بذلك أنه قد دلَّ به على حكمِ طلاقِ صِنْفين مِن طلاقِ النساءِ؛ أحدُهما المفروضُ له، والآخرُ غيرُ المفروضِ له، وذلك أنه لمَّا قال: ﴿أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾. عُلِم أن الصنفَ الآخرَ هو المفروضُ له، وأنها المطلَّقةُ المفروضُ لها قبلَ المَسيسِ؛ لأنه قال: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾. ثم قال


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أحدها".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.