للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: قُلْ: بسمِ اللَّهِ الرحمنِ الرحيمِ. قال ابنُ عباسٍ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾. يقولُ له جبريلُ: يا محمدُ، اقْرَأْ بذكرِ اللَّهِ ربِّك، وقُمْ واقْعُدْ بذكرِ اللَّهِ.

وهذا التأويلُ مِن ابنِ عباسٍ يُنْبِئُ عن صحةِ ما قلنا، مِن أنه مُرادٌ (١) بقولِ القائلِ مُفْتَتِحًا قراءتَه بـ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. أقْرَأُ بتسميةِ اللَّهِ وذكرِه، وأفْتَتِحُ القراءةَ بتسميةِ اللَّهِ بأسمائِه الحسنَى وصفاتِه العُلَى - ويُوضِّحُ (٢) فسادَ قولِ مَن زعَم أن معنى ذلك مِن قائلِه: باللَّهِ الرحمنِ الرحيمِ أولُ (٣) كلِّ شيءٍ. مع أن العبادَ إنما أُمِروا أن يَبْتَدِئوا عندَ فَواتحِ أمورِهم بتسميةِ اللَّهِ، لا بالخبرِ عن عظمتِه وصفاتِه، كالذي أُمِروا به مِن التسميةِ على الذَّبائحِ والصيدِ، وعندَ المَطْعَمِ والمَشْرَبِ، وسائرِ أفعالِهم. فكذلك الذي أُمِروا به مِن تسميتِه عندَ افْتِتاحِ تلاوةِ تَنْزيلِ اللَّهِ، وصدورِ رسائلِهم وكتبِهم.

ولا خلافَ بينَ الجميعِ مِن علماءِ الأمةِ أن قائلًا لو قال عندَ تذكيتِه بعضَ بَهائمِ الأنعامِ: باللَّهِ. ولم يقلْ: باسمِ اللَّهِ. أنه مُخالفٌ بتركِه قيلَ: باسمِ اللَّهِ. ما سُنّ له عندَ التذكيةِ من القولِ، فقد عُلم بذلك أنه لم يُرِدْ بقولِه: باسمِ اللَّهِ: باللَّهِ. كما قال الزاعمُ أن اسمَ اللَّه في قولِ اللَّهِ: ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾. هو اللَّهُ؛ لأن ذلك لو كان كما زعَم، لَوجَب أن يكونَ القائلُ عندَ تذكيتِه ذبيحتَه: باللَّهِ. قائلًا ما سُنَّ له مِن القولِ على


(١) في م: "يراد".
(٢) سقط من: م.
(٣) في م: "في".