للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعْني: يَقْطَعُها.

وإذا كان ذلك تأويلَ قولَه: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾. كان في الكلامِ تقديمٌ وتأخيرٌ، ويكونُ معناه: قال: فخُذْ أربعةً مِن الطيرِ إليك فصُرْهنَّ. ويكونُ ﴿إِلَيْكَ﴾ مِن صلةِ ﴿فَخُذْ﴾.

وقرَأ ذلك جماعةٌ مِن أهلِ الكوفةِ: (فصِرْهُنَّ إليك). يعنِى: قَطِّعُهُنَّ (١).

وقد زعَم جماعةٌ مِن نحويِّي الكوفةِ (٢) أنهم لا يَعْرِفون (فصِرْهُنَّ)، ولا ﴿فَصُرْهُنَّ﴾. بمَعْنى (٣): قَطِّعْهُنَّ، في كلامِ العربِ، وأنهم لا يَعرِفون كسرَ الصادِ وضمَّها في ذلك إلا بمعنًى واحدٍ، وأنهما جميعًا لُغتان بمعنى الإمالةِ، وأن كسرَ الصادِ منها لغةٌ في هُذَيْلٍ وَسُلَيْمٍ، وأَنشَدُّوا لبعضِ بني سُلَيمٍ:

وفَرْعِ يَصِيرُ الجيدَ وَحْفٍ كَأَنَّهُ … على اللِّيتِ قِنْوانُ الكُرُومِ الدَّوالِحُ (٤)

يعنَى بقولِه: يَصِيرُ: أي: يُميلُ. وأن أهلَ هذه اللغة يقُولون: صارَه، وهو يَصِيرُه صَيْرًا، وصِرْ وجْهَكَ إِليَّ. أي: أَمِله. كما يقالُ: صُرْه.

وزعم بعضُ نحوييِّ الكوفةِ أنه لا يَعِرفُ لقولِه: ﴿فَصُرْهُنَّ﴾. ولا لقراءةِ من قرَأ (فَصِرْهُنَّ) بضمِّ الصادِ أو (٥) كسرها وجهًا في التَّقْطِيع، إلا أن يكونَ: (فَصِرْهُنَّ إليك) - في قراءةِ مَن قرَأه بكسرِ الصادِ - مِن المقلوبِ، وذلك أن تكونَ لامُ فِعْلِه جُعِلتْ مكانَ عينِه، وعينُه مكانَ لامِه، فيكونُ مِن: صرَى يَصْرِى صَرْيًا.


(١) وهى قراءة حمزة والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ١٩٠.
(٢) ينظر معاني القرآن ١/ ١٧٤.
(٣) في الأصل: "يعنى".
(٤) الفرع: الشعر التام والوحف: الأسود. والليت: صفحة العنق. والدوالح: المثقلات بحملها. التاج (ف ر ع، و ح ف، ل ي ت، د ل ح د ل ح).
(٥) في م: "و".