للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك لو كان كما قالوا لكان الذين قالوا: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ بالذمِّ أَوْلَى منهم بالمدحِ؛ لأن القولَ لو كان كما قالوا، لكان القومُ إنما سأَلوا ربَّهم بمسألتِهم (١) إيَّاه ألَّا يُزِيغَ قلوبَهم، ألا يَظْلِمَهم ولا يجورَ عليهم، وذلك من السائلِ (٢) جَهْلٌ؛ لأن الله جل ثناؤُه لا يَظْلِمُ عبادَه، ولا يجورُ عليهم، وقد أَعلمَ عبادَه ذلك، ونفاه عن نفسِه بقولِه: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦]. ولا وجْهَ لمسألتِه أن يكونَ بالصفةِ التي قد أخبرَهم أنه بها. وفي فسادِ ما قالوا من ذلك الدليلُ الواضحُ على أنَّ عَدْلًا من اللهِ ﷿ إزاغةُ مَن أَزَاغ قلبَه من عبادِه عن طاعتِه، فلذلك استحقَّ المدحَ مَن رَغِب إليه في أن لا يُزِيغَه، لتوجيهِه (٣) الرغبةَ إلى أهلِها، ووضعِه مسألتَه مَوْضِعَها، مع تظاهرِ الأخبارِ عن رسولِ اللهِ برغبتِه إلي ربِّه في ذلك، مع محَلِّه منه وكرامتِه عليه.

حدَّثنا أبو كرُيبٍ، قال: ثنا وَكيعٌ، عن عبدِ الحميدِ بن بَهْرامَ، عن شهرِ بن حَوْشَبٍ، عن أُمِّ سلَمةَ، أن رسولَ اللِه قال: "يا مُقَلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبي على دِينِك". ثم قرَأ: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ إلى آخرِ الآيةِ (٤).

"حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا وَكيعٌ، عن عبدِ الحميدِ بن بَهْرامَ، عن شهرِ بن حَوْشَبٍ، عن أسماءَ، عن رسولِ اللهِ بنحوِه.

حدَّثنا المثنَّى، قال: ثنا الحَجّاجُ بنُ المِنْهالِ، قال: ثنا عبدُ الحميدِ بنُ بَهْرامَ


(١) في م، ت ٢، س: "مسألتهم".
(٢) في ص: "المسائل".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س: "لتوجهه".
(٤) أخرجه أحمد ٦/ ٢٩٤ (الميمنية)، وابن أبي حاتم ٢/ ٦٠١ - ٦٠٢ (٣٢٢٢) من طريق وكيع به.