للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبادِه (١) بأمرٍ أو يُكَلِّفَه فرضَ عملٍ، إلا بعدَ إعطائِه المعونةَ [والقدرةَ] (٢) على فعلِه وعلى تركِه.

ولو كان الذي قالوا مِن ذلك كما قالوا، لبَطلَت الرغبةُ إلى اللَّهِ في المعونةِ على طاعتِه، إذ كان على قولِهم، مع وجودِ الأمرِ والنهيِ والتكليفِ - حقًّا واجبًا على اللَّهِ للعبدِ إِعطاؤُه المعونةَ عليه، سأله ذلك عبدُه أو ترَك مسألتَه (٣) ذلك، بل تَرْكُ إعطائِه ذلك عندَهم منه جَوْرٌ، ولو كان الأمرُ في ذلك على ما قالوا، لَكان القائلُ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ إنما يَسْألُ ربَّه ألا يجورَ.

وفي إجماعِ أهلِ الإسلامِ جميعًا على تَصْويبِ قولِ القائلِ: اللهم إنا نَسْتَعِينُك. وتخطئتِهم قولَ القائلِ: اللهم لا تَجُرْ علينا - دليلٌ واضحٌ على خطإِ ما قال الذين وصفتُ قولَهم، إذ كان تأويلُ قولِ القائلِ عندَهم: اللهم إنا نَسْتَعِينُك: اللهم لا تَتْرُكْ مَعونتَنا التي تركُكها (٤) جَوْرٌ منك.

فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾. فقُدِّم الخبرُ عن العبادةِ، وأُخِّرَت مسألةُ المعونةِ عليها بعدَها (٥)، وإنما تكونُ العبادةُ بالمعونةِ، فمسألةُ المعونةِ كانت أحقَّ بالتقديمِ (٦) قبلَ المُعانِ عليه مِن العملِ (٧)، والعبادةُ بها؟.

قيل: لمَّا كان معلومًا أن العبادةَ لا سبيلَ للعبدِ إليها إلا بمعونةٍ مِن اللَّهِ جل ثناؤُه،


(١) في م، ت ٢، ت ٣: "عبيده".
(٢) سقط من: م، ت ٢، ت ٣.
(٣) في م: "مسألة".
(٤) في م: "تركها".
(٥) سقط من: ص.
(٦) بعده في ص: "بم".
(٧) في ر: "العقل".