للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمعنى (١): وفَّقك اللَّهُ لقضاءِ حاجتي.

ومنه قولُ الآخرِ (٢):

[ولا تُعْجِلَنِّي] (٣) هداك المَليكُ … فإن لكلِّ مَقامٍ مَقالَا

فمعلومٌ أنه إنما أراد: وفَّقك اللَّهُ لإصابةِ الحقِّ في أمْرِي.

ومنه قولُ اللَّهِ ﷿: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: ٢٥٨، آل عمران: ٨٦، التوبة: ١٩، ١٠٩، الصف: ٧، الجمعة: ٥]. في غيرِ آيةٍ مِن تنزيلِه. وقد عُلِم بذلك أنه لم يَعْنِ أنه لا يُبَيِّنُ للظالمين الواجبَ عليهم من فرائضِه. وكيف يجوزُ أن يكونَ ذلك معناه، وقد عمَّ بالبيانِ جميعَ المكلَّفين مِن خلقِه، ولكنه عنَى جل ذكرُه أنه لا يُوَفِّقُهم، ولا يَشْرَحُ للحقِّ والإيمانِ صدورَهم.

وقد زعَم بعضُهم أن تأويلَ قولِه: ﴿اهْدِنَا﴾: زِدْنا هدايةً.

وليس يَخْلُو هذا القولُ مِن أحدِ أمْرَيْن؛ إما أن يكونَ قد ظنَّ قائلُه أن النبيَّ أُمِر [بمسألةِ ربِّه] (٤) الزيادةَ في البيانِ، أو (٥) الزيادةَ في المعونةِ والتوفيقِ. فإن كان ظنَّ أنه أُمِر بمسألتِه (٦) الزيادةَ في البيانِ، فذلك ما لا وجهَ له؛ لأن اللَّهَ جل ثناؤُه لا يُكَلِّفُ عبدًا فرضًا مِن فرائضِه إلا بعدَ تبيينهِ له وإقامةِ الحجةِ عليه به، ولو كان معنى ذلك معنى مسألتِه البيانَ، لَكان قد أُمِر أن يَدْعُوَ ربَّه أن يُبَيِّنَ له ما فرَض عليه، وذلك مِن الدعاءِ خَلْفٌ؛ لأنه لا يَفْرِضُ فرضًا إلا مبيَّنًا لمن فرَضه عليه، أو يكونَ أُمِر أن يَدْعُوَ ربَّه


(١) في م: "يعني به".
(٢) ديوان الحطيئة ص ٢٢٢، والأغاني ٢/ ١٨٧، واللسان (ق و ل)، (ح ن ن)، وفي الفاخر ص ٣١٤ أن أول من قال ذلك طرفة بن العبد في شعر يعتذر فيه لعمرو بن هند. ولم نجد البيت في ديوانه.
(٣) في الديوان، والأغاني، واللسان: "تحنن على"، وفي الفاخر: "تصدق على".
(٤) في ص: "بمسألته".
(٥) في ص، ر، ت ١: "و".
(٦) في م: "بمسألة".