للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يَفْرِضَ عليه الفرائضَ التي لم يَفْرِضْها. وفي فسادِ وجهِ مسألةِ العبدِ ربَّه ذلك ما (١) يُوَضِّحُ عن أن معنى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾. غيرُ معنى: بيِّن لنا فرائضَك وحدودَك.

أو يكونَ ظنَّ أنه أُمِر بمسألةِ ربِّه الزيادةَ في المعونةِ والتوفيقِ، فإن كان ذلك كذلك، فلن تَخْلُوَ مسألتُه تلك الزيادةَ مِن أن تكونَ مسألةً للزيادةِ في المَعونةِ على ما قد مضى مِن عملِه، أو على ما يَحْدُثُ، وفي ارتفاعِ حاجةِ العبدِ إلى المعونةِ على ما قد تقَضَّى مِن عملِه، ما يُعْلِمُ أن معنى مسألةِ تلك الزيادةِ إنما هو مسألتُه الزيادةَ لما يَحْدُثُ مِن عملِه. وإذ كان ذلك كذلك، صار الأمرُ إلى ما وصَفْنا وقلْنا في ذلك مِن أنه مسألةُ العبدِ ربَّه التوفيقَ لأداءِ ما كُلِّف مِن [فرائضِ ربِّه] (٢) فيما يَسْتَقْبِلُ مِن عمُرِه.

وفي صحةِ ذلك فسادُ قولِ (٣) أهلِ القدَرِ الزاعمين أن كلَّ مأمورٍ بأمرٍ أو مكلَّفٍ فرضًا، فقد أعْطِي مِن المعونةِ عليه ما قد ارتَفَعَت معه في ذلك الفرضِ حاجتُه إلى ربِّه؛ لأنه لو كان الأمرُ على ما قالوا في ذلك لَبَطل معنى قولِ اللَّهِ جل ثناؤه: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾. وفي صحةِ معنى ذلك على ما بيَّنا، فسادُ قولِهم.

وقد زعم بعضُهم أن معنى قولِه: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾: أسْلِكْنا طريقَ الجنةِ في المَعادِ. أيْ: قدِّمْنا له وامْضِ بنا إليه. كما قال جل ثناؤُه: ﴿فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ٢٣]. أي: أدْخِلوهم النارَ. كما تُهْدَى المرأةُ إلى زوجِها،


(١) في ص: "مما".
(٢) في م، ت ٢، ت ٣: "فرائضه".
(٣) سقط من: م، ت ٢، ت ٣.