للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولُه: ﴿وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ﴾. فإنه يعنى: وَدُّوا عَنَتَكم. يقولُ: يَتَمَنَّون لكم العَنَتَ والشَّرَّ في دينِكم، وما يسوءَكم ولا يَسُرُّكم.

وذُكِر أن هذه الآيةَ نَزَلَت في قومٍ من المسلمين كانوا يُخالِطون حلفاءَهم مِن اليهودِ وأهلِ النفاقِ منهم، ويُضافونهم المودَّةَ، بالأسبابِ التي كانت بينَهم في جاهليتِهم قبلَ الإسلامِ، فَنَهاهم اللهُ عن ذلك، وأن يَسْتَنصِحوهم في شيءٍ مِن أمورِهم.

ذكرُ [الخبر بذلك] (١).

حدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، قال: قال محمدُ ابنُ أبى محمدٍ، عن عكرمةَ، أو عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: كان رجالٌ مِن المسلمين يواصلون رجالًا مِن يهودَ؛ لما كان بينَهم مِن الجوارِ والحِلْفِ في الجاهليةِ، فأنزَل اللهُ فيهم، يَنْهاهم عن مُباطَنتِهم؛ تَخَوَّفَ الفتنةِ عليهم منهم: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾. إلى قولِه: ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾ (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ : ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا﴾: فى المنافقين مِن أهل المدينة، نهَى اللهُ جل ثناؤه المؤمنين أن يَتَولُّوهم (٣).


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "من قال ذلك".
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٥٥٨، وذكره الواحدى فى أسباب النزول ص ٨٨ عن ابن عباس معلقًا، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٤٣ (٤٠٣٧) من طريق سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبى محمد قوله. وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٦٦ إلى ابن المنذر.
(٣) تفسير مجاهد ص ٢٥٨ ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٤٢ (٤٠٣٤)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٦٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.