للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتادةَ، قال: لما أنزل اللَّهُ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾. قالت اليهودُ: إنما يستقرِضُ الفقيرُ من الغنيِّ. فأَنْزل اللَّهُ: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سمِعت ابنَ زيدٍ يقولُ في قولِه: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ﴾. قال: هؤلاء يهودُ.

فتأويلُ الآيةِ إذنْ: لقد سمِع اللَّهُ قولَ الذين قالوا من اليهودِ: إن اللَّهَ فقيرٌ إلينا ونحن أغنياءُ عنه. سنكتُبُ ما قالوا من الإفكِ والفِرْيةِ على ربِّهم، وقتلَهم أنبياءَهم بغيرِ حقٍّ.

واختلفتِ القرأَةُ في قراءةِ قولهِ: ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾؛ فقرأ ذلك قرأَةُ الحجازِ وعامةُ قرأةِ العراقِ: ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا﴾ بالنون ﴿وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ﴾. بنصبِ القتلِ (٢).

وقرأ ذلك بعضُ قرأةِ الكوفيين: (سَيُكْتَبُ ما قالُوا وَقَتْلُهُمُ الأنْبياءَ). بالياءِ من (سَيُكْتَبُ)، وبضمِّها، ورفعِ "القتل" (٣)، على مذهبِ ما لم يُسمَّ فاعلُه، اعتبارًا بقراءةٍ يُذكَرُ أنها من قراءةِ عبدِ اللَّهِ في قولِه: ﴿وَنَقُولُ ذُوقُوا﴾. يُذكَرُ أنها في قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (ويُقالُ) (٤).

فأَغْفَل قارئُ ذلك وجهَ الصوابِ فيما قصَد إليه من تأويلِ القراءةِ التي تُنْسَبُ إلى عبدِ اللَّهِ، وخالف الحجةَ من قرأَةِ الإسلامِ، وذلك أن الذي ينبغِي لمن قرَأ:


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٤١.
(٢) وهى قراءة نافع وابن كثير وعاصم وابن عامر وأبي عمرو والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٢٢١.
(٣) وهى قراءة حمزة وحده. المصدر السابق.
(٤) ينظر المصاحف لابن أبي داود ص ٦٠.