للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلامُ؛ إذ كان ذلك مِن الأمورِ التي لم يكنْ محمدٌ ولا قومُه ولا عشيرتُه يَعْلَمونه، ولا يَعْرِفونه مِن قبلِ نزولِ الفرقانِ على محمدٍ ، فيُمْكِنَهم ادعاءُ اللَّبْسِ في أمرِه أنَّه نبيٌّ، وأن ما جاء به فمِن عندِ اللَّهِ. وأَنَّى يُمْكِنُهم ادعاءُ اللَّبْسِ في صدقِ أُمِّيٍّ نشَأ بيْن أُمِّيِّين، لا يَكْتُبُ، ولا يَقْرأُ، ولا يَحْسُبُ، فيقال: قرَأ الكتبَ فعلِم. أو: حسَب فنَجَّم؟ [انْبَعث على أحبارٍ قَرَأَةٍ كَتَبَةٍ] (١)، قد درَسوا الكتبَ، ورأَسوا الأممَ، يُخْبِرُهم عن مستورِ عيوبِهم، ومَصونِ علومِهم، ومكتومِ أخبارِهم، وخَفِيّات أمورِهم التي جهِلها مَن هو دونَهم مِن أحبارِهم. إن أمْرَ مَن كان كذلك لغيرُ مُشْكِلٍ، وإنَّ صِدقَه، والحمدُ للَّهِ، لَبيِّنٌ.

ومما يُنْبئُ عن صحَّةِ ما قلنا - من أنَّ الذين عَنى اللَّهُ تعالى ذِكْرُه بقولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. هم أحبارُ اليهودِ الذين قُتِلوا على الكفرِ وماتوا عليه - اقتصاصُ اللَّهِ تعالى ذِكْرُه نبأَهم، وتذكيرُه (٢) إيَّاهم ما أخَذ عليهم مِن العهودِ والمواثيقِ في أمرِ محمدٍ بعدَ اقتصاصِه تعالى ذِكْرُه ما اقْتَصَّ مِن أمرِ المنافقين، واعتراضِه بينَ (٣) ذلك بما (٤) اعْتَرض به مِن الخبرِ عن إبليسَ وآدمَ في قولِه: ﴿يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٤٠] الآيات. واحتجاجُه لنبيِّه عليهم [بما احْتَجَّ به عليهم] (٥) فيها عندَ (٦) جُحودِهم نبوَّتَه. فإذ كان الخبرُ أولًا عن مؤمني أهلِ الكتابِ،


(١) في م: "وانبعث على أخبار قراء كتب".
(٢) في ر: "بذكره".
(٣) في ص: "من".
(٤) في ص: "لما".
(٥) سقط من: ر.
(٦) في ص، م: "بعد".