للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي طلحة، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾: فهذا الرجلُ والمرأةُ، إذا تَفاسَد الذي بينهما، فأمَر اللَّهُ سبحانه أن يَبْعَثوا رجلًا صالحًا من أهلِ الرجلِ، ومثلَه مِن أهلِ المرأةِ، فينظران أيَّهما المُسِئَ، فإن كان الرجلُ هو المُسِئَ، حَجَبوا عنه امرأتَه، وقَصَروه (١) على النفقةِ، وإن كانت المرأةُ هي المَسِيئةَ، قَصَروها على زوجها، ومَنَعوها النفقةَ، فإن اجتَمَع رأيُهما على أن يُفَرِّقا أو يَجْمَعا، فأمرُهما جائزٌ، فإن رَأيا أن يَجْمَعا، فرَضِى أحدُ الزوجَين وكَرِه ذلك الآخَرُ، ثم مات أحدُهما، فإن الذي رَضِي يَرِثُ الذى كَرِه، ولا يَرِثُ الكارِهُ الراضِيَ، وذلك قولُه: ﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا﴾. قال: هما الحَكَمان، ﴿يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ (٢).

حدَّثنا ابنُ بَشَّارٍ، قال: ثنا رَوْحٌ، قال: ثنا عوفٌ، عن محمدِ بنِ سيرينَ، أن الحَكَمَ من أهلِها والحَكَمَ مِن أهلِه يُفَرِّقان ويَجْمَعان إذا رَأيا ذلك، ﴿فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾.

حدَّثني محمدُ بنُ المُثَنَّى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن عمرِو بن مُرَّةَ، قال: سألتُ سعيدَ بنَ جُبَيرٍ عن الحَكَمَين، فقال: لم أُولَدْ إذ ذاك (٣). فقلتُ: إنما أعنى حَكَمَ الشِّقاقِ. قال: يُقْبِلان على الذي جاء التدارِي (٤) من عندِه، فإن فعَل وإلا أقبَلا على الآخَرِ، فإن فعَل وإلا حَكَما، فما حَكَما


(١) يقال: قصرت نفسى على الشيء: إذا حبستها عليه وألزمتها إياه. التاج (ق ص ر).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٤٥ (٥٢٨٠، ٥٢٨٣)، والبيهقى ٧/ ٣٠٦ مختصرًا من طريق عبد الله بن صالح به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٥٦ إلى ابن المنذر.
(٣) يعنى الحكمين في أمر على ومعاوية .
(٤) في م: "الأذى"، وفى س: "الراوى" والتدارى من التدارؤ ترك همزه، والمراد: المشاغبة والمخالفة والاختلاف. ينظر اللسان (د ر أ).