للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على نفسِه (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا أبو معاويةَ، عن عاصمٍ، عن الشعبيِّ، عن عديِّ في قولِه: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾. قال: قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، إن أرضى أرضُ صيدٍ. قال: "إذا أرْسَلتَ كلبَك وسمَّيتَ، فكُلْ مما أَمْسَك عليك كلبُك وإن قَتَل، فإن أكَل فلا تَأْكُلْ، فإنما (٢) أَمْسَك على نفسِه" (٣).

وقد بينّا أولى القولين في ذلك بالصوابِ قَبْلُ، فأغنى ذلك عن إعادتِه وتكرارِه (٤).

فإن قال قائلٌ: وما وجهُ دُخولِ "من" في قولِه: ﴿فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾. وقد أحلَّ اللهُ لنا صيدَ جوارحِنا الحلالِ، و "مِن" إنما تَدْخُلُ في الكلامِ مبعِّضةٌ لما دخَلت فيه؟

قيل: قد اختلَف في معني دخولِها في هذا الموضعِ أهلُ العربيةِ؛ فقال بعضُ نحويِّى البصرةِ (٥): دخَلت "مِن" في هذا الموضعِ لغيرِ معنىً، كما تُدْخِلُه العربُ في قولهم: كان مِن مطرٍ. و: كان مِن حديثٍ. قال: ومِن ذلك قولُه: ﴿وَيُكَفِّرُ (٦) عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧١]. وقولُه: ﴿وَيُنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالِ فِيهَا


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ٣٥٦، ٣٦٦) من طريق جويبر، عن الضحاك نحوه.
(٢) في ص، م: "فإنه إنما".
(٣) ينظر ما تقدم في ص ١٢١.
(٤) ينظر ما تقدم في ص ١٢٠.
(٥) بعده في م: "حين".
(٦) في الأصل: "نكفر". وهما قراءتان كما تقدم في موضعه من التفسير.