للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ، قال: قال عكرمةُ: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ الآية. نزَلَت في فِنْحاصَ اليهوديِّ (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا أبو تُمَيْلةَ، عن عُبيدِ بن سليمانَ، عن الضحاكِ بن مُزاحمٍ قولَه: ﴿يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾. يقولون: إنه بَخيلٌ ليس بجَوَادٍ. قال اللَّهُ: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾: أُمْسِكَت أيديهم عن النفقةِ والخيرِ. ثم قال - يعنى نفسَه -: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾. وقال: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾ [الإسراء: ٢٩]. يقولُ: لا تُمْسِكْ يدَك عن النفقةِ (٢).

واخْتَلَف أهلُ الجَدَلِ في تأويلِ قولِه: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾؛ فقال بعضُهم: عُنِى بذلك نِعْمتاه. وقال: ذلك بمعنى: يدُ اللَّهِ على خلقِه، وذلك نِعَمُه عليهم. وقال: إن العربَ تقولُ: لك عندى يدٌ. يَعْنون بذلك: نعمةٌ.

وقال آخَرون منهم: عُنِى بذلك القوةُ. وقالوا: ذلك نَظيرُ قولِ اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي﴾ [ص: ٤٥].

وقال آخَرون منهم: بل يدُه مُلْكُه. وقالوا: معنى قولِه: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾: ملْكُه وخَزائنُه. قالوا: وذلك كقولِ العربِ للمَمْلوكِ: هو مِلْكُ يمينِه، وفلانٌ بيدِه عُقْدةُ نكاحِ فلانةَ. أي: يَمْلِكُ ذلك. وكقولِ اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً﴾ [المجادلة: ١٢].

وقال آخرون منهم: بل يدُ اللَّهِ صفةٌ مِن صفاتِه، هي يدٌ، غيرَ أنها ليست


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٦ إلى المصنف.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٦٨ (٦٥٧٨)، من طريق عبيد بن سليمان به.