للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في كلِّ معانيها. قالوا: ولذلك قال اللهُ: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾؛ لاشتباهِ جميعِه في كلِّ معانيه.

وقال بعضُهم: بل قالوا: ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾؛ لمشابهتِه الذي قبلَه في اللونِ وإن خالفه في الطعمِ.

ذكرُ من قال ذلك

حَدَّثَنَا القاسمُ بنُ الحسيِن، قال: حَدَّثَنَا الحسينُ بنُ داودَ، قال: حَدَّثَنَا شيخٌ من المَصِّيصَةِ (١)، عن الأوزاعيِّ، عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ، قال: يُؤْتَى أحدُهم بالصَّحْفةِ فيأكُلُ منها، ثم يُؤْتَى بأُخْرَى فيقولُ: هذا الذي أُتِينا به مِن قبلُ. فيقولُ الملَكُ: كُلْ، فاللونُ واحدٌ والطعمُ مُختَلِفٌ (٢).

قال أبو جعفرٍ: وهذا التأويلُ مذهبٌ مِن تأويلِ (٣) الآيةِ، غيرَ أنه يدفَعُ صحَّتَه ظاهرُ التلاوةِ. والذي يدلُّ على صحتِه ظَاهرُ الآيةِ ويُحقِّقُ صحَّتَه (٤) قولُ القائلين: إن معنى ذلك: هذا الذي رُزِقنا مِن قبلُ في الدنيا. وذلك أن اللهَ جلَّ ثناؤُه قال: ﴿كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا﴾. فأَخْبَر جلَّ ثناؤُه أن مِن قِيلِ أهلِ الجنَّةِ كُلَّما رُزِقوا مِن ثمرِ الجَنَّةِ رزقًا أن يقولوا: ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾. ولم يَخْصُصْ بأن ذلك من قيلِهم في بعضِ ذلك دونَ بعضٍ، فإذ كان قد أَخْبَر جلَّ ذكرُه عنهم أن


(١) المصيصة: مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرسوس. معجم البلدان ٤/ ٥٥٧.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٦٧ (٢٦١) من طريق عامر بن يساف، عن يحيى بن أبي كثير به بنحوه.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢: "تأول".
(٤) في الأصل: "صحة".