للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى حكمًا يجب فيه على الشاهدِ اليمينُ، فيكونَ جائزًا صرفُ الشهادةِ في هذا الموضعِ إلى الشهادةِ التي يقومُ بها بعضُ الناسِ عندَ الحكَّامِ والأئمةِ.

وفي حكمِ الآيةِ في هذه، اليمينَ على ذوى العدلِ، وعلى من قام مقامَهم، باليمين (١) بقولِه: ﴿تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ﴾ - أوضحُ الدليلِ على صحةِ ما قلنا في ذلك، من أن الشهادةَ فيه الأيمانُ، دونَ الشهادةِ التي يُقضَى [بها للمشهودِ] (٢) له على المشهودِ عليه، وفسادِ ما خالفه.

فإن قال قائلٌ: فهل وجدتَ في حكمِ اللهِ تعالى ذكرُه يمينًا تجبُ على المدَّعِي، فتُوَجِّهَ قولَك في الشهادةِ في هذا الموضعِ إلى الصحةِ؟

فإن قلتَ: لا. تبيَّن فسادُ تأويلِك ذلك على ما تأوَّلتَ؛ لأنه يجبُ على هذا التأويلِ أن يكونَ المقسِمان في قولِه: ﴿فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾ [المائدة:١٠٧]. هما المُدَّعِيَيْن.

وإن قلت: بلى. قيل لك: وفى أيِّ حكمِ اللهِ تعالى وجدتَ ذلك؟

قيل: وجَدنا ذلك في أكثرِ المعانى، وذلك في حكمِ الرجلِ يَدَّعِى قِبَلَ رجلٍ مالًا، فيقرُّ به المُدَّعَى عليه قِبَلَه ذلك، ويَدَّعى قضاءَه، فيكونُ القولُ قولَ ربِّ الدَّيْنِ، والرجلِ يعترِفُ (٣) في يدِ الرجلِ السلعةَ، فيزعُمُ المعترفُ في يدِه أنه اشتراها من المُدَّعِى، أو (٤) أن المُدَّعِيَ وهبَها له، وما أَشْبَه ذلك مما يكثُرُ


(١) في م: "في اليمين".
(٢) في ص، ت ١: "بالمشهود".
(٣) يعترف: يعرف.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "و".