للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾. فإن أهلَ الجنةِ يَنْظُرون بأبصارِهم يومَ القيامةِ إلى اللهِ، ولا يُدْرِكونه بها، تَصْديقًا للهِ في كلا الخبرين، وتسليمًا لما جاء به تنزيلُه، على ما جاء به في السُّورَتَين.

وقال آخرون: معنى ذلك: لا تراه الأبصارُ وهو يَرَى الأبصارَ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾: لا يراه شيءٌ، وهو يرى الخَلائقَ (١).

حدَّثنا هنادٌ، قال: ثنا وَكيعٌ، عن إسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ، عن عامرٍ، عن مسروقٍ، عن عائشةَ، قالت: مَن حدَّثك أن رسولَ اللهِ رأى ربَّه فقد كذَب: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾، ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الشورى: ٥١]. ولكن قد رأَى جبريلَ في صورتِه مرتين (٢).

حدَّثنا ابنُ وَكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن إسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ، عن عامرٍ، عن مسروقٍ، قال: قلتُ لعائشةَ: يا أمَّ المؤمنين، هل رأى محمدٌ رَبَّه؟ فقالت: سبحانَ اللهِ! لقد قَفَّ (٣) شَعري مما قلتَ. ثم قرأَت: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا عبدُ الأعلى وابنُ عُلَيَّةً، عن داودَ، عن الشعبيِّ، عن


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٦٤ (٧٧٤٢) من طريق أحمد بن مفضل به.
(٢) تقدم تخريجه في ٨/ ٥٧٢.
(٣) قف الشعَرُ: إذا قام من الفزع. ينظر النهاية ٤/ ٩١.