للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لئن سُلِّطْتُ عليه لَأُهْلِكَنَّه. فلمَّا بلَغ الحينَ الذي يُريدُ اللهُ جلَّ ثناؤُه أن يَنفُخَ فيه الرُّوحَ، قال للملائكةِ: إذا نفَخْتُ فيه مِن رُوحي فاسْجُدوا له. فلمّا نفَخ فيه الرُّوحَ فدخَل الرُّوحُ في رأسِه، عطَس، فقالت له الملائكهُ: قل: الحمدُ للهِ. فقال: الحمدُ للهِ. فقال له اللهُ: رحِمك ربُّك. فلما دخَل الروحُ في عينَيْهِ نظَر إلى ثِمارِ الجَنَّةِ، فلمّا دخَل في جوفِه اشْتهَى الطعامَ، فوثَب قبلَ أن تَبْلُغَ الروحُ رجليْه عَجْلانَ إلى ثمارِ الجَنَّةِ، فذلك حينَ يقولُ: ﴿خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ﴾ [الأنبياء: ٣٧]. ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ [الحجر ٣٠، ٣١] أي (١): استكبر وكان من الكافرين. قال اللهُ له: ما منَعك أنْ تَسجدَ إذ أمَرتُك لِما خلقْتُ بيدَيَّ. قال: أنا خيْرٌ منه لم أَكُنْ لأَسْجُدَ لبشرٍ خلقتَه من طينٍ. قال اللهُ له: اخْرُجْ منها فما يَكُونُ لك - يعني: ما يَنْبغي لك - أنْ تَتَكَبَّرَ فيها، فاخْرُجْ إنك مِن الصاغِرين. والصَّغارُ هو الذُّلُّ. قال: وعلَّم آدمَ الأسماءَ كلَّها، ثم عرَض الخلْقَ على الملائكةِ فقال: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١)[البقرة: ٣١] أنَّ بني آدمَ يُفسِدون في الأرضِ ويَسفِكون الدماءَ. فقالوا له: ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾. قال اللهُ: ﴿يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾. قال: قولُهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا﴾. فهذا الذي أبْدَوْا، وأَعْلمُ ما كنتم تكْتُمون، يعني ما أسَرَّ إبليسُ في نفسِه من الكِبْرِ (٢).


(١) في م: "أبي".
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٨١، ٨٥، ٨٦، ٩٠، ٩٣، ٩٤، ١٠٠ مفرقا.
وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (٧٧٣)، وابن عساكر في تاريخه ٧/ ٣٧٧، ٣٧٨ من طريق عمرو بن حماد به، دون قوله: قال الله له: اخرج منها فما يكون لك …