للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العظامِ والعقوبةِ الشديدةِ، فضربتُ بعصاى التي في يدِى البحرَ فانفلق لى ولمن معى، ودعَوتُك حين أجَزْتُ (١) البحرَ فأغرقتَ عدوَّك وعدوِّي، وسألتكُ الماءَ لى ولأمتى، فضربتُ بعصاى التي في يدِى الحَجَرَ، فمنه أرويتَني وأمتى، وسألتُك لأمتى طعامًا لم يأكله أحدٌ كان قبلَهم، فأمرتني أن أدعُوكَ مِن قِبَل المشرقِ ومن قِبَلِ المغربِ، فناديتُك من شرقيِّ أُمَّتى، فأعطَيْتَنى (٢) المنَّ مِن مشرقى (٣) لنفسى، وأتيتَهم السلوى مِن غربِيِّهم مِن قِبَلِ البحرِ. واشتكيتُ الحَرَّ فناديتُك، فظلَّلْتَ عليهم الغمامَ (٤)، فما أُطيقُ نُعماكَ على أن أعُدَّها ولا أُحْصيَها، وإن أردتُ شكرَها لا أستطيعُها، فجئتُك اليومَ راغِبًا طالبًا سائلًا متضرِّعًا، لتعطيَني ما منَعتَ غيرِى. أطلبُ إليكَ وأسألُكَ يا ذا العظمَةِ والعِزَّةِ والسلطانِ أن تريَنى أنظرَ إليك، فإنِّي قد أحببتُ أن أَرَى وجهَك الذي لم يرَه شيءٌ مِن خلقِك.

قال له ربُّ العزةِ: ألَا (٥) ترَى يا بنَ عِمران ما تقولُ؟ تكلمتَ (٦) بكلامٍ هو أعظمُ مِن سائر الخلق، لا يرانى أحدٌ فيحيا، أليس (٧) في السماواتِ (٨) مَعْمَرِى؟ فإنَّهن قد ضَعُفْنَ أن يحملْن عَظَمَتِى، أوَليس في الأرضِ مَعْمَرِى؟ فإنها قد ضَعُفَت أن تسَعَ لجندى (٩)، فلستُ في مكانٍ واحدٍ فأتجلى لعينٍ تنظرُ إليَّ.


(١) في م: "جزت".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "فأعطيتهم".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "مشرق".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "بالغمام".
(٥) في م: "فلا".
(٦) في ص: "لما تكلمت"، وفى ت ١، ت ٢، س، ف: "ما تكلمت".
(٧) سقط من: الأصل، ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٨) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "السماء".
(٩) في ص، م، ت ١، س، ف: "بجندى".