للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَدْخُلُ الجنةَ إلا نفسٌ مُسْلِمَةٌ، ولا يَحُجَّ بعدَ العام مُشْرِكٌ، ولا يَطُف بالبيتِ عُرْيانٌ، ومَن كان له عهدٌ عند رسول الله ، فهو له إلى مُدَّتِه. فلم يَحُجَّ بعدَ ذلك العامِ مُشْرِكٌ، ولم يَطُفْ بالبيتِ عُرْيانٌ، ثم قَدِما على رسول الله . وكان هذا مِن "براءةَ"، فيمَن كان مِن أهلِ الشِّرْكِ مِن أهل العهد العامِّ، وأهلِ المُدَّةِ إلى الأجلِ المُسَمَّى (١).

حدَّثني محمدُ بنُ الحُسين، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّل، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ، قال: لمَّا نَزَلَت هذه الآياتُ إلى رأسِ أربعينَ آيةً، بَعَثَ بِهِنَّ رسولُ اللهِ مع أبي بكرٍ، وأَمَّره على الحَجِّ، فلمَا سارَ فبلَغ الشجرةَ من ذي الحُلَيفة، أتبَعه بعليٍّ فأخَذها منه، فرَجَع أبو بكرٍ إلى النبيِّ ، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أَنْزِل في شأنى شيءٌ؟ قال: "لا، ولكن لا يُبلِّغُ عنِّي غَيرى، أو رجلٌ مِنِّي، أمَا تَرْضَى يا أبا بكر أنك كنتَ مَعِي في الغارِ، وأَنَّك صاحبي على الحَوْضِ؟ ". قال: بلى يا رسولَ اللهِ! فسارَ أبو بكرٍ على الحاجِّ، وعليٌّ يُؤذِّنُ بـ "براءةَ"، فقامَ يومَ الأضحَى، فقال: لا يَقْرَبَنَّ المسجد الحرامَ مُشْرِكٌ بعدَ عامِه هذا، ولا يَطُوفَنَّ بالبيتِ عُرْيانٌ، ومَن كان بينَه وبين رسول الله ، عهدٌ، فله عَهْدُه إلى مُدَّتِه، وإن هذه أيامُ أَكلٍ وشُرْبٍ، وإن الله لا يُدْخِلُ الجنةَ إلا من كان مُسْلِمًا. فقالوا: نحن نَبْرَأُ مِن عهدِك وعهدِ ابن عَمِّك إلا مِن الطَّعْنِ والضَّرْبِ. فَرَجَع المشركون، فَلامَ بعضُهم بعضًا، وقالوا: ما تَصْنَعون، وقد أَسْلَمَت قريشٌ؟ فأسلَموا.

حدَّثنا الحسنُ بنُ يَحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرَنا مَعْمَرٌ، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يُثَيْعٍ، عن عليٍّ، قال: أُمِرْتُ بأربعٍ؛ أَن لا يَقْرَبَ


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٤٩ نقلا عن الطبرى، سيرة ابن هشام ٢/ ٤٣٠.