للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذين أخْبَر عنهم في أولِ هذه السورةِ بما أخْبَر عنهم في قولِه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. وفى قولِه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: ٦، ٨]. أن (١) حُكْمَه فيهم -إن تابوا إليه وأنابوا، واتَّبَعوا ما أتاهم مِن البيانِ مِن عندِ اللهِ على لسانِ رسولِه محمدٍ - أنهم عندَه في الآخرةِ ممَّن لا خوفٌ عليهم ولا هم يَحْزَنون، وأنهم إن هلَكوا على (٢) كُفرِهم وضَلالتِهم قبلَ الإنابةِ والتوبةِ، كانوا مِن أهلِ النارِ المُخَلَّدِين فيها.

وقولُه: ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾. يعنى: فمَن تبِع بَيانى الذى أُبَيِّنُه (٣) على ألْسُنِ رُسُلى، أو مع رسلى.

كما حدَّثنى به المُثَنَّى، قال: حدَّثنا آدمُ العسقلانىُّ، قال: حدَّثنا أبو جعفرٍ، عن الربيعِ، عن أبي العاليةِ: ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾ يعنى: بَيانى (٤).

وقولُه: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾. يعنى: فهم آمِنون في أهوالِ القيامةِ مِن عقابِ اللهِ، غيرُ خائِفِين عذابَه؛ بما أطاعوا اللهَ في الدنيا، واتَّبَعوا أمرَه وهُداه وسبيلَه ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ يومَئذٍ على ما خلَّفوا بعدَ وفاتِهم في الدنيا.

كما حدَّثنى يونُسُ ابنُ عبدِ الأعلى، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: ﴿لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾. يقولُ: لا خوفٌ عليكم أمامَكم، وليس شيءٌ أعظمَ في صدرِ الذى يَموتُ ممَّا بعدَ الموتِ، فأمَّنهم منه وسلَّاهم عن الدنيا، فقال: ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.


(١) في ص، م: "وأن".
(٢) في الأصل: "من"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "في".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "آتيته".
(٤) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٩٣ (٤٢٢) من طريق آدم.