للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجاهدٍ - يزيدُ أحدُهما على صاحبِه - في قولِه: ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾. قال: بملئِها. ﴿فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾. قال: الزَّبَدُ السيلُ. ﴿ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾. قال: خَبَثُ الحديدِ والحليةِ. ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾. قال: جمودًا في الأرضِ. ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾. قال: الماءُ، وهما مثَلان للحقِّ والباطلِ.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ الصغيرُ بصِغَرِه، والكبيرُ بكِبَرِه، ﴿فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾: أي عاليًا، ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾، والجُفاء ما يَتَعَلَّقُ بالشجرِ، ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾. هذه ثلاثةُ أمثالٍ، ضرَبها اللَّهُ في مَثَلٍ واحدٍ. يقولُ: كما اضْمَحَلَّ هذا الزبدُ، فصار جُفاءً لا يُنْتَفَعُ به ولا تُرْجَى (١) بَرَكتُه، كذلك يَضْمَحِلُّ الباطلُ عن أهلِه كما اضْمَحَلَّ هذا الزبدُ، وكما مكَث هذا الماءُ في الأرضِ، فأمْرَعت هذه الأرضُ وأخرَجت نباتَها، كذلك يَبْقَى الحقُّ لأهلِه كما بَقِى هذا الماءُ في الأرضِ، فأخرَج اللَّهُ به ما أخرَج مِن النباتِ. قولُه: (وَمِمَّا تُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ) الآيةُ، كما يَبْقَى خالصُ الذهبِ والفضةِ حينَ أُدْخِل النارَ وذهَب خَبَثُه، كذلك يَبْقَى الحقُّ لأهلِه. قولُه: ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾، يقولُ: هذا الحديدُ والصُّفْرُ الذي يُنْتَفَعُ به فيه منافعُ، يقولُ: كما يَبقى خالصُ هذا الحديدِ وهذا الصُّفْرِ حينَ أُدْخِل النارَ وذهَب خبثُه، كذلك يَبْقَى الحقُّ لأهلِه، كما بَقِى خالصُهما (٢).


(١) في ت ٢، س، ف: "يرجى".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٥٥ إلى المصنف وابن أبي حاتم وأبى الشيخ.