للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال ثنا: محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾ الكبيرُ بقدْرِه، والصغيرُ بقدْرِه، ﴿زَبَدًا رَابِيًا﴾. قال: رَبَا فوقَ الماءِ الزَّبَدُ، (وَمِمَّا تُوقُدونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ). قال: هو الذهبُ إذا أُدْخِل النارَ بَقِى صَفْوُه، ونُفِى ما كان مِن كَدَرِه، وهذا مثلٌ ضرَبه اللَّهُ للحقِّ والباطلِ، ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ يتعلق بالشجرِ فلا يكونُ شيئًا، هذا (١) مَثَلُ الباطلِ، ﴿وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ﴾، وهذا يُخرِجُ النباتَ، وهو مثلُ الحقَّ، ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾. قال: المتاعُ الصُّفْرُ والحديدُ (٢).

حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ، قال: ثنا هَوْدَةُ بنُ خليفةَ، قال: ثنا عوفٌ، قال: بلَغنى في قولِه: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾. قال: إنما هو مَثلٌ ضرَبه اللَّهُ للحقِّ والباطلِ، ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾: الصغيرُ على قَدْرِه، والكبيرُ على قَدْرِه، وما بينَهما على قَدْرِه، ﴿فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾. يقولُ: عظيمًا، وحيثُ استقرَّ الماءُ يَذْهَبُ الزَّبَدُ جُفاءً، فتَطِيرُ به الريحُ، فلا يَكُونُ شَيئًا، ويَبقَى صريحُ الماءِ الذي يَنْفَعُ الناسَ؛ منه شرابُهم ونباتُهم ومَنْفَعتُهم، ﴿أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾، ومِثْلُ الزَّبَدِ كلُّ شيءٍ يُوقَدُ عليه في النارِ؛ الذهبُ والفضةُ والنُّحاسُ والحديدُ، فيَذْهَبُ خَبَثُه، ويَبْقَى ما يَنْفَعُ في أيديهم، والخَبَثُ والزَّبَدُ مَثَلُ الباطلِ، والذي يَنْفَعُ الناسَ مما تحصَّل في أيديهم مما يَنْفَعُهم المالُ الذي في أيديهم.

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ﴾. قال: هذا مَثَلٌ ضَرَبه اللَّهُ للحقِّ


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٣٤، ٣٣٥ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٥٥ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.