للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتأويلُ الكلامِ: ربما يودُّ الذين كفَروا باللهِ، فجحَدوا وحدانيتَه، لو كانوا في دار الدنيا مسلمين.

كما حدَّثنا عليُّ بنُ سعيدِ بن مسروقٍ الكنديُّ، قال: ثنا خالدُ بنُ نافعٍ الأشعريُّ، عن سعيدِ بن أبي بُرْدةَ، عن أبي بُرْدةَ، عن أبي موسى، قال: بلَغنا أنه إذا كان يومُ القيامةِ، واجتَمع أهلُ النارِ في النارِ، ومعهم مَن شَاء اللَّهُ مِن أهلِ القبلةِ، قال الكفارُ لمن في النارِ مِن أهل القبلةِ: ألستم مسلمين؟ قالوا: بلى. قالوا: فما أغنى عنكم إسلامُكم، وقد صِرْتم معَنا في النارِ؟ قالوا: كانت لنا ذُنوبٌ فأُخِذنا بها. فسمِع اللهُ ما قالوا، فأمَر بكلِّ مَن كان مِن أهلِ القبلةِ في النارِ فَأُخْرِجوا، فقال مَن في النارِ مِن الكفارِ: يا ليتَنا كنا مسلمين. ثم قرَأ رسولُ اللهِ: " ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ " (١).

حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ، قال: ثنا عمرُو بنُ الهيثمِ أبو قَطَنٍ القُطَعِيُّ ورَوْحُ بنُ عبادةَ القَيْسيُّ وعفانُ بنُ مسلمٍ - واللفظُ لأبي قَطَنٍ - قالوا: ثنا القاسمُ بنُ الفضلِ، [عن عبيدِ] (٢) اللهِ بن أبى جَرُوةَ، قال: كان ابن عباسٍ وأنسُ بن مالكٍ يتأوَّلان هذه الآيةَ: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾. قالا: ذاك يومَ يَجْمَعُ اللَّهُ أهلَ الخطايا مِن المسلمين والمشركين في النارِ. وقال عفان: حين يُحْبَسُ أهلُ الخطايا مِن المسلمين والمشركين - فيقولُ المشركون: ما أغْنَى عنكم ما كنتم تَعْبُدون - زاد أبو قَطَنٍ: قد جُمِعنا وإياكم - وقال أبو قَطَنٍ


(١) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (٨٤٣)، وابن أبي حاتم في تفسيره - كما في تفسير ابن كثير ٤/ ٤٤٣ - والطبراني - كما في تفسير ابن كثير ٤/ ٤٤٣، والبداية والنهاية، ٢٠/ ١٨٠، والحاكم ٢/ ٢٤٢، والبيهقي في البعث والنشور (٨٥) من طريق خالد بن نافع الأشعرى به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٩٢ إلى ابن مردويه.
(٢) في النسخ: "بن عبد". والمثبت من مصدرى التخريج، وينظر الجرح والتعديل ٥/ ٣١٤.