للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسأَلاه: ما هذا؟ فقال: الذى يُرِيدُ أن يَعْلَمَ هذا لا يَقِفُ موقفَكما، فإن كنتما تُرِيدانِ أن تَعْلَما ما فيه فانْزِلا حتى أُعَلِّمَكما. فنزَلا إليه، فقال لهما: هذا كتابٌ (١) جاء مِن عندِ اللهِ، أمَر فيه بطاعتِه، ونهَى [فيه عن معصيتِه:] (٢) ألا تزْنىَ، ولا تَسرِقَ، ولا تَأْخُذَ أموالَ الناسٍ بالباطلِ -فقصَّ عليهما ما فيه- وهو الإنجيلُ الذي أنْزَل اللهُ على عيسى. فوقَع فى قلوبهما وتابَعاه فأسْلَما، وقال لهما: إن ذبيحةَ [قومِكما عليكما] (٣) حرامٌ. فلم يَزالا معه كذلك يَتَعَلَّمان منه، حتى كان عيدٌ للملكِ، فجعَل (٤) طعامًا، ثم جمَع الناسَ والأشرافَ، وأرْسَل إلى ابنِ الملكِ، فدعاه إلى صَنِيعِه ليَأْكُلَ مع الناس، فأبَي الفتى وقال: إنى عنك مَشْغولٌ، فكلْ أنت وأصحابُك. فلما أكْثَر عليه مِن الرسلِ، أخْبَرَهم أنه لا يَأْكُلُ مِن طعامِهم، فبعث الملكُ إلى ابنِه، فدعاه وقال: ما أمْرُك هذا (٥)؟ قال: إنا لا نَأْكُلُ مِن ذبائِحكم، إنكم كفارٌ، ليس تَحِلُّ ذبائحُكم. فقال له الملكُ: مَن أمَرَك بهذا؟ فأخْبَرَه أن الراهبَ أمَره (٦) بذلك، فدعا الراهبَ فقال: ماذا يَقُولُ ابنى؟ قال: صدَق ابنُك. قال له: لولا أن الدمَ فينا عظيمٌ لقتَلْتُك، ولكن اخْرُجْ مِن أرضِنا. فأجَّلَه أجَلًا. قال سلمانُ: فقمْنا نَبْكِى عليه، فقال لهما: إن كنتما صادقَيْن، فإنا في بِيعةٍ بالموصلِ مع ستين رجلًا نَعْبُدُ اللهَ فيها، فائْتونا فيها. فخرَج الراهبُ، وبقِى سَلْمانُ وابنُ الملكِ، فجعَل سلمانُ يقولُ لابنِ الملكِ: انْطَلِقْ بنا. وابنُ الملكِ يقولُ: نعم. وجعَل ابنُ


(١) بعده في ت ١، ت ٢، ت ٣: "الله".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عن معصيته فيه".
(٣) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قومكم عليكم".
(٤) جعل هنا: صنع. والجعل والصنع واحد. التاج (ج ع ل).
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) في ت ١: "أخبره".