للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملكِ يَبيعُ مَتاعَه يُرِيدُ الجَهازَ (١)، فلمَّا أبْطَأ على سلمانَ، خرَج سلمانُ حتى أتاهم، فنزَل على صاحبِه، وهو ربُّ البِيعةِ، وكان أهلُ تلك البِيعةِ [أفضلَ مرتبةً مِن] (٢) الرُّهْبانِ، فكان سَلْمانُ معه (٣) يَجْتَهِدُ في العبادةِ، ويُتْعِبُ نفسَه، فقال له الشَّيخُ: إنك غلامٌ حَدَثٌ، تَكَلَّفُ (٤) مِن العبادةِ ما لا تُطِيقُ، وأنا خائفٌ أن تَفْتُرَ وتَعْجِزَ، فارْفُقْ بنفسِك وخَفِّفْ عنها (٥). فقال له سلمانُ: أرَأَيْتَ الذى تَأْمُرُنى به، أهو (٦) أفضلُ أو الذي أَصْنَعُ؟ قال: لا (٧)، بل الذي تَصْنَعُ؟ قال: فخلِّ عنى. قال: ثم إن صاحبَ البِيعةِ دعاه، فقال: أتَعْلَمُ أن هذه البِيعةَ لي، وأنا أحَقُّ الناسِ بها، ولو شئتُ أن أُخْرِجَ هؤلاء منها لَفعَلْتُ! ولكنى رجلٌ أضْعُفُ عن عبادةِ هؤلاء، وأنا أُرِيدُ أن أتحوَّلَ مِن هذه البِيعةِ إلى بِيعةٍ أخرى، هم أهونُ عبادةً مِن هؤلاء، فإن شئتَ أن تُقِيمَ هاهنا فأقِمْ، وإن شئتَ أن تَنْطَلِقَ معى فانْطَلِقْ. فقال له سلمانُ: أىُّ البِيعَتَيْن أفضلُ أهلًا؟ قال: هذه. قال سلمانُ: فأنا أكونُ في هذه. فأقام سلمانُ بها، وأوْصَى صاحبُ البِيعةِ عالِمَ البِيعةِ بسَلمانَ، فكان سلمانُ يَتَعَبَّدُ معهم. ثم إن الشيخَ العالِمَ أراد أن يَأْتىَ بيتَ المقدسِ، [فدعا سلمانَ، فقال: إنى أريدُ أن آتىَ بيتَ المقدسِ، فإن شئتَ] (٨) أن تَنْطلِقَ معى فانطلِقْ، وإن شئتَ أن تُقِيمَ فأقِمْ. قال له سلمانُ: أيُّهما أفضلُ؛ أنْطَلِقُ معك أوْ (٩) أُقِيمُ؟ قال: لا، بل تَنْطَلِقُ معى. فانْطَلَق


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "الجهاد".
(٢) في م: "من أفضل"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "أفضل من".
(٣) في م: "معهم".
(٤) في م: "تتكلف"، وفى ت ٢: "فكلف".
(٥) في م: "عليها".
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "هو".
(٧) سقط من: م.
(٨) في م: "فقال لسلمان: إن أردت"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "فإن شئت".
(٩) في م: "أم".