للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجاهدٍ: ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾. قال: الآخرةُ، يُحْيِيهم حياةً طيبةً في الآخرةِ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾. قال: الحياةُ الطيبةُ الآخرةُ فى الجنةِ، تلك الحياةُ الطيبةُ. قال: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وقال: ألا تراه يقولُ: ﴿يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر: ٢٤]. قال: هذه آخرتُه. وقرأ أيضًا: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ﴾ [العنكبوت: ٦٤]. قال: الآخرةُ دارُ حياةٍ لأهلِ النارِ وأهلِ الجنةِ، ليس فيها موتٌ لأحدٍ من الفريقين.

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ في قولِه: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ﴾. قال: الإيمانُ الإخلاصُ للهِ وحدَه، فبيَّنَ أَنه لا يَقْبَلُ عملًا إلا بالإخلاصِ له (١).

وأولى هذه الأقوالِ بالصوابِ قولُ مَن قال: تأويلُ ذلك: فَلَنُحْيِيَنَّه (٢) حياةً طيبةً بالقناعةِ؛ وذلك أن من قَنَّعه اللهُ بما قَسَم له من رزقٍ، لم يَكْثُرْ [في الدنيا] (٣) تعبُه، ولم يَعْظُمْ فيها نَصَبُه، ولم يتكدَّرْ فيها عيشُه، بإتباعِه نفسَه (٤) ما فاته منها، وحرصِه على ما لعلَّه لا يُدْرِكُه فيها.

وإنما قلت: ذلك أولى التأويلاتِ فى ذلك بالآية؛ لأن اللهَ تعالَى ذكرُه


(١) ينظر تفسير القرطبي ١٠/ ١٧٤.
(٢) بعده في ص: "في الدنيا".
(٣) في ص، م، ت ٢، ف: "للدنيا".
(٤) في م: "بغية".