للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صديقة الملك أن ربَّه قد استجاب له وقبل منه ورحمه، وقد رأى بكاءَه، وقد أخَّر أجلَه خمسَ عشرة سنة، وأنجاه من عدوِّه سنحاريبَ ملك بابلَ وجنوده، فأتى شعيا النبيُّ [إلى ذلك الملك] (١) فأخبره بذلك، فلما قال له ذلك ذهَب عنه الوجعُ، وانقطع عنه الشرُّ والحُزنُ، وخرَّ ساجدًا وقال: يا إلهي وإله آبائي، لك سجَدتُ وسبَّحتُ، وكرَّمتُ وعظَّمتُ، أنت الذي تُعْطى المُلْكَ مَن تَشَاءُ، وتَنزِعُه من تَشاءُ، [وتُعِزُّ مَن تشاءُ] (٢)، وتُذِلُّ مَن تَشاءُ، عالمُ الغيب والشَّهادة، أنت الأولُ والآخرُ، والظاهرُ والباطنُ، وأنت تَرْحَمُ وتستَجِيبُ دعوة المضْطَرين، أنت الذي أجبْتَ دَعوَتى ورحِمتَ تضرُّعى. فلما رفَع رأسَه، أوحى الله إلى شعيا أن قُلْ للمَلِكِ صديقة فيأمرَ عبدًا من عبيده بالتينة، فيأتيَه بماء التين فيَجْعَلَه على قُرحَتِه فيُشْفَى، ويُصبح وقد بَرِئَ. ففعل ذلك فشُفى. وقال الملكُ لشعيا النبيِّ: سلْ ربَّك أن يجعَلَ لنا علمًا بما هو صانعٌ بعدوِّنا هذا. قال: فقال الله لشعيا النبيِّ: قلْ له: إني قد كفَيتُك عدوَّك، وأنجيتُك منه، وإنهم سيُصبحون موتى كلُّهم إلا سنحاريب وخمسةً من كُتَّابه. فلما أصبَحوا جاءهم صارخُ يُنَبِّئُهم، فصرَخ على باب المدينة: يا ملك بنى إسرائيل، إن الله قد كفاك عدوَّك فاخرُج، فإن سنحاريب ومن معه قد هلَكوا. فلما خرَج الملكُ التمَس سنحاريبَ فلم يُوجَدْ في الموتى، فبعث الملِكُ في طلبه، فأدركه الطَّلبُ في مغارةٍ وخمسةٌ مِن كُتَّابه، أحدُهم بختُنصَّرَ، فجعلوهم في الجوامع (٣)، ثم أتوا بهم ملك بنى إسرائيلَ، فلما رآهم خرَّ ساجدًا من حين طلعتِ الشمسُ حتى [كانت العصر] (٤)، ثم قال لسنحاريب: كيف ترى فِعْلَ رَبِّنا بكم؟ ألم يَقْتُلُكم


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٣) الجوامع جمع الجامعة: وهى الغل؛ لأنها تجمع اليدين إلى العنق. الصحاح (ج م ع).
(٤) في ت ١: "كان وقت".