للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كفاهم الله إياه (١)؛ تذكرةً وعبرةً، ثم لبِث سنحاريبُ بعد ذلك سبعَ سنين، ثم مات (٢).

حدَّثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: لما مات سنحاريبُ اسْتُخْلِف بختُنصَّرَ ابن ابنه على ما كان عليه جدُّه يَعْمَلُ بِعَمَلِه، ويَقْضِى بقضائه، فلبث سبعَ عشرةَ سنةً، ثم قبض الله ملك بني إسرائيل صديقة، فمرَج أمرُ بنى إسرائيل وتنافَسوا المُلك، حتى قتَل بعضُهم بعضًا عليه، ونبيُّهم شعيا معهم لا يُذْعِنون (٣) إليه، ولا يَقْبَلون منه. فلما فعلوا ذلك، قال الله - فيما بلَغنا - لشعيا: قُمْ في قومك أُوحِ على لسانك. فلما قام النبيُّ أنطق الله لسانَه بالوحي، فقال: يا سماءُ اسْتَمِعى، ويا أرضُ أنْصِتى، فإن الله يُرِيدُ أن يَقُصَّ شأنَ بني إسرائيل الذين ربّاهم بنعمتِه، واصْطَفاهم لنفسه، وخصَّهم بكرامته، وفضَّلهم على عباده، وفضَّلهم بالكرامة، وهم كالغنم الضائعة التي لا راعى لها، فآوَى شاردَتَها، وجمَع ضالتَها، وجبر كسِيرتَها، وداوَى مريضَتَها، وأسمَن مهزولتَها، وحفِظ سمينتَها، فلما فعَل ذلك بطِرت، فتناطَحت كِباشُها فقتل بعضُها بعضًا، حتى لم يَبْقَ منها عَظْمٌ صحيحٌ يُجْبَرُ إليه آخرُ كسيرٌ، فويلٌ لهذه الأمة الخاطئة، وويلٌ لهؤلاء القوم الخاطئين الذين لا يَدْرُون أَنَّى (٤) جاءهم الحَيَّنُ، إن البعير مما (٥) يذكُرُ وطنَه فينتابُه، وإن الحمار مما (٥) يذكُرُ الآريَّ (٦) الذي شبع عليه فيراجعُه، وإن الثور مما (٥) يذكُرُ المَرْجَ (٧) الذي سمن


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٥٣٢ - ٥٣٥.
(٣) في ص، ت ٢، ف: "يدعون"، وفى تاريخ المصنف: "يرجعون".
(٤) في م: "أين".
(٥) في م: "ربما".
(٦) الآرى: مكان الدابة الذي تحبس فيه. ينظر اللسان (أرى).
(٧) المرج: أرض واسعة فيها نبت كثير تمرج فيها الدواب. تهذيب اللغة ١١/ ٧١.