للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فذُكِر لى أنهم كانوا يَرَوْنه في كلِّ منزلٍ في صورةِ سُراقةُ بن مالكِ بن جُعْشُمٍ لا يُنْكِرونه، حتى إذا كان يومُ بدرٍ، والْتَقَى الجمعان، كان الذي رآه حينَ نكَص الحارثُ بنُ هشامٍ أو عميرُ بنُ وهبٍ الجُمَحيُّ، فذُكِر أحدُهما، فقال (١): أين [أي سُراقَ؟ مثَلَ] (٢) عدوُّ الله وذهَب (٣).

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾ إلى قولِه: ﴿شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. قال: ذُكِر لنا أنه رأَى جبريلَ تَنْزِلُ معه الملائكةُ، فزعَم عدوُّ اللهِ أنه لا يَدَانِ (٤) له بالملائكةِ، وقال: ﴿إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ﴾. وكذَب واللهِ عدوُّ اللهِ، ما به مخافةُ اللهِ، ولكن علِم أن لا قوةَ له ولا مَنَعةَ له، وتلك عادةُ عدوِّ اللهِ لمن أطاعَه [واستقاد له] (٥)، حتى إذا الْتَقَى الحقُّ والباطلُ، أَسْلَمَهم شرَّ مُسْلَم، وتبَرَّأ منهم عندَ ذلك (٦).

حدَّثني القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، قال: قال ابن عباس: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾ الآية. قال: لمَّا كان يومُ بدرٍ، سار إبليسُ برايتِه وجنودِه مع المشركين، وأَلْقَى في قلوبِ المشركين: إن أحدًا لن يَغْلِبَكم، وإنى جارٌ لكم. فلمَّا الْتَقَوْا ونظر الشيطانُ إلى أمدادِ الملائكةِ، ﴿نَكَصَ


(١) سياق العبارة في سيرة ابن هشام: قال ابن إسحاق: وعمير بن وهب أو الحارث بن هشام قد ذُكِر لى أحدهما الذي رأى إبليس حين نكص على عقبيه يوم بدر، فقال ....
(٢) في م: "سراقة، أسلمنا". ومثل: من الأضداد، يقال للقائم: ماثل. وللاصق بالأرض: ماثل. ويقال: رأيت شخصا ثم مثل أي غاب عن عيني. ينظر الأضداد ص ٢٨٨.
(٣) سيرة ابن هشام ١/ ٦٦٣.
(٤) في النسخ: "يدى". والمثبت مِن مصدرى التخريج. وما لى بفلان يدان: أي طاقة. اللسان (ى د ى).
(٥) في م: "واستعاذ به".
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧١٦ من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٩٠ إلى أبي الشيخ.