للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: لمَّا رأَى المسلمون ما فعَل المشركون بقَتْلاهم يومَ أُحُدٍ، مِن تَبْقيرِ البُطونِ، وقطعِ المذَاكيرِ، والمُثْلَةِ السيئةِ، قالوا: لئِن أظْفَرَنا اللهُ بهم، لَنَفْعَلَنَّ ولَنَفْعَلَنَّ. فأنْزَل اللهُ فيهم: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾.

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن بعضِ أصحابِه، عن عطاءِ بنِ يَسارٍ، قال: نزَلَت سورةُ "النحلِ" كلُّها بمكةَ، وهى مكيةٌ، إلا ثلاثَ آياتٍ فى آخرِها نزَلَت بالمدينةِ (١) بعدَ أُحُدٍ، حيثُ قُتِل حمزةُ ومُثِّل به، فقال رسولُ اللهِ : "لئن ظهَرْنا عليهم، لنُمَتِّلَنَّ بثلاثين رجلًا منهم". فلمَّا سمِع المسلمون بذلك، قالوا: واللهِ لئن ظهَرْنا عليهم لنَمُثِّلَنَّ بهم مُثْلةً لم يُمَثِّلْها أحدٌ مِن العربِ بأحدٍ قطُّ. فأنزَل اللهُ: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ إلى آخر السورةِ (٢).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾. قال: [مُثِّلَ بالمسلمينَ] (٣) يومَ أحدٍ، فقال: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾. إلى قولِه: ﴿لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾. ثم قال بعدُ: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ (٤).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، قال: لما أُصِيب فى أهلِ أحدٍ المَثْلُ، فقال المسلمون: لئن أصَبْناهم لنُمثِّلَنَّ بهم. فقال اللهُ:


(١) فى م: "في المدينة".
(٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٣٥ إلى المصنف وابن إسحاق.
(٣) فى ص، ت ٢، ف: "المسلمين"، وفى م: "المسلمون". والمثبت من تفسير عبد الرزاق.
(٤) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٦١ عن معمر به.