هي مكية، وقيل: مدنية، والأصح أنها مكية، نزلت بمكة حين فرضت الصلاة، ثم نزلت بالمدينة حين حولت القبلة إلى الكعبة المشرفة، وسبب ذلك التنبيه على فضلها وشرفها، وارتفاع مكانتها عند الله وعند رسوله، وتسمّى أمّ القرآن لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم «لا صلاة لمن لم يقرأ بأمّ القرآن». رواه البخاريّ، ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: قال: «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأمّ القرآن، فهي خداج-يقولها ثلاثا-». أي غير تمام، وسميت أمّ القرآن لاشتمالها على المعاني التي في القرآن، كما ذكرته لك سابقا.
وتسمّى سورة الوافية، قاله سفيان بن عيينة؛ لأنها لا تنتصف، ولا تحتمل الاختزال، ولو قرأ من سائر السور نصفها في ركعة، ونصفها الآخر في ركعة، أي بعد الفاتحة لأجزأ. وتسمّى الكافية، قال يحيى بن أبي كثير: لأنها تكفي عن سواها، ولا يكفي سواها عنها. وتسمّى سورة الكنز، لقوله صلّى الله عليه وسلّم حاكيا عن قول الله عز وجل:«فاتحة الكتاب كنز من كنوز عرشي». وسورة الشّفاء، والشّافية لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«فاتحة الكتاب شفاء من كلّ داء إلاّ السّام» وفي رواية آخرى: «فاتحة الكتاب شفاء من كلّ سمّ». أخرجه الدارمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وسورة المثاني، سميت بذلك؛ لأنها تثنّى في كلّ ركعة، قال تعالى في سورة (الحجر) رقم [٨٧]{وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}. وتسمى سورة الصّلاة؛ لقول أبي هريرة رضي الله عنه: فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد:{الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال:{الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} قال الله: أثنى عليّ عبدي، فإذا قال:{مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال الله تعالى: مجّدني عبدي، فإذا قال:{إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ} قال الله: هذا بني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال:{اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ..}. إلخ؛ قال الله: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل». رواه مسلم.
وتسمّى سورة الحمد؛ لأنّ فيها ذكر الحمد، كما يقال: سورة الأعراف، والأنفال، ونحوها. وتسمّى سورة الأساس، فإنها أساس القرآن، قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: «إذا اعتللت، أو اشتكيت؛ فعليك بالأساس». وشكا رجل إلى الشعبي وجع الخاصرة، فقال: عليك بأساس القرآن؛ فاتحة الكتاب. وتسمّى سورة الرّقية، ثبت ذلك في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: وفيه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لرجل الذي رقى سيّد الحي: «وما أدراك أنّها رقية؟» فقال: يا رسول الله! شيء ألقي في روعي. الحديث مشهور، خرّجه الأئمة.