للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذات واو بعدها انو مبتدا... له المضارع اجعلنّ مسندا

{أَفَبِالْباطِلِ:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري توبيخي. الفاء: حرف استئناف، أو هي عاطفة على محذوف، التقدير: أيكفرون بالله الذي هذا شأنه، فيؤمنون. (بالباطل): جار ومجرور متعلقان بما بعدهما. {يُؤْمِنُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، أو هي معطوفة على المقدرة، ولا محل لها على الاعتبارين. {وَبِنِعْمَةِ:} الواو: حرف عطف. (بنعمة):

جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما، و (نعمة) مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {يَكْفُرُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ اِفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٦٨)}

الشرح: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً} أي: لا أحد أظلم ممن جعل مع الله شريكا وولدا، وإذا فعل فاحشة قال: {وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها}. {أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ..}. إلخ، فقد جمعوا بين أمرين لا يجتمعان عند عاقل: افتراؤهم على الله بما هو باطل غير ثابت بالحجة، أو المعنى: لا أحد أظلم ممن ذهب إلى أحد الأمرين، فكيف بمن جمع بينهما، والأمر الأول هو ما زعمه مشركو العرب من كون الملائكة بنات الله تعالى، والأمر الثاني هو تكذيبهم بالقرآن الكريم، وبالمعجزات التي أيد الله بها نبيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم.

{أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمّا جاءَهُ} أي: بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، أو بالقرآن، وفي لفظ: {لَمّا} تسفيه لهم حيث لم يتوقفوا، ولم يتأملوا قط حين جاءهم، بل سارعوا إلى التكذيب أول ما سمعوه، ولم يفعلوا كما يفعل العقلاء المتثبتون في الأمور، يسمعون الخبر، فيستعملون فيه الروية، والفكر، ويستأنون إلى أن يتضح لهم صدقه، أو كذبه.

{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ:} هذا تقرير لثوائهم؛ لأن همزة الاستفهام إذا دخلت على النفي صار إيجابا فيرجع إلى معنى التقرير، قال تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم في سورة (الضحى): {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى،} وقال له في سورة (الشرح): {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ،} وقال جرير يخاطب عبد الملك بن مروان، ويمدحه: [الوافر] ألستم خير من ركب المطايا... وأندى العالمين بطون راح؟

إذ المعنى: ألا يستوجبون، ويستحقون الثواء في جهنم، والإقامة فيها، وقد افتروا على الله مثل هذا الكذب، وكذبوا بالحق مثل هذا التكذيب، أو لاجترائهم على الله؛ أي: ألم يعلموا علم اليقين، ويستقر في نفوسهم: أن في جهنم مثوى للكافرين المكذبين؛ حتى اجترءوا على الله هذه الجرأة؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>