للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٥٥)}

الشرح: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ}: انظر الآية رقم [٢٢]. {كَفَرُوا}: انظر الآية رقم [٦٦] من سورة (الأعراف)، والمراد أن الكفر رسخ في قلوبهم، وتغلغل بدمائهم وعظامهم. {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}: فلا يتوقع منهم إيمان.

تنبيه: نزلت الآية الكريمة وما بعدها في بني قريظة من اليهود، وقد كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد عاهدهم بعد هجرته إلى المدينة المنورة، أن لا يحاربوا ولا يعاونوا عليه، فنقضوا العهد، وأعانوا مشركي مكة بالسلاح على قتال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأصحابه، ثم قالوا: نسينا وأخطأنا، فعاهدهم ثانية فنقضوا العهد أيضا، ومالئوا الكفار يوم الخندق، وهذا شيء معروف فصلته سورة (الأحزاب)، وذهب كعب بن الأشرف إلى مكة، فوافق المشركين على مخالفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومعاداة الإسلام والمسلمين، انظر ما ذكرته في شرح الآية رقم [٥١] من سورة (النساء).

الإعراب: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} انظر إعراب هذا الكلام في الآية رقم [٢٢] ففيه الكفاية. الفاء: حرف تعليل. (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

{لا}: نافية. {يُؤْمِنُونَ}: فعل وفاعل، والمتعلق محذوف، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، الأولى بالاستئناف، والثانية بالاتباع.

{الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ (٥٦)}

الشرح: {الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ}: عقدت معهم معاهدة عدم اعتداء، وعدم ممالأة مع الكفار من أهل مكة. {ثُمَّ}: انظر الآية رقم [١٠٣] الأعراف. {يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ}: فيه استعارة، فقد استعار الحبل للعهد، وفكه لإبطال العهد بجامع الإفساد في كل. {وَهُمْ لا يَتَّقُونَ} أي:

لا يخافون الله في نقض العهد؛ لأن عادة من يرجع إلى دين وعقل وحزم أن يتقي نقض العهد؛ حتى يسكن الناس إلى قوله، ويثقون بكلامه، فبين الله عز وجل: أن من جمع بين الكفر ونقض العهد هم من شر الدواب. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

الإعراب: {الَّذِينَ}: يجوز فيه أوجه: أحدها الرفع على أنه بدل بعض من الموصول قبله، أو على النعت له، أو عطف البيان والنصب على الذم بفعل محذوف، والرفع على أنه مبتدأ، والخبر الجملة الشرطية في الآية التالية، ودخلت الفاء لشبه الموصول بالشرط. انتهى. جمل

<<  <  ج: ص:  >  >>