للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية صلة {ما،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: الذي، أو: شيئا هم مقترفونه، أو: له.

{أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١١٤)}

الشرح: {أَبْتَغِي:} أطلب. {حَكَماً:} حاكما يحكم بيني، وبينكم، ويفصل المحق منا من المبطل. هذا؛ وحكم أبلغ من حاكم، فلذا لا يوصف به غير العادل؛ لأن الحاكم من شأنه أن يحكم، والحكم أهل أن يتحاكم إليه. {أَنْزَلَ:} انظر الآية رقم [٥/ ٤٩]. {الْكِتابَ:} المراد به القرآن الكريم، وانظر الآية رقم [٧/ ٢]. {مُفَصَّلاً:} مبينا فيه الحق والباطل، بحيث ينفي التخليط، والالتباس، وفيه تنبيه على أن القرآن بإعجازه، وتقريره مغن عن سائر الكتب.

{آتَيْناهُمُ:} أعطيناهم. {الْكِتابَ:} المراد به التوراة التي أنزلها الله على موسى عليه الصلاة والسّلام. {أَنَّهُ} أي: القرآن. {رَبِّكَ:} انظر الآية رقم [١] من سورة (الفاتحة) ورقم [٧/ ٣].

{بِالْحَقِّ:} انظر الآية رقم [٥/ ٢٧] والمراد بالذين يعلمون أن القرآن منزل من عند الله بالحق:

عبد الله بن سلام، وأصحابه. وقيل: بل المراد جميع اليهود، وإنما وصف جميعهم بالعلم؛ لأن أكثرهم يعلمون، ومن لم يعلم فهو متمكن منه بأدنى تأمل. انتهى بيضاوي بتصرف. {فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ:} الشاكين في أن الذين أوتوا الكتاب يعلمون: أنه منزل من ربك بالحق. هذا؛ وقد قيل: إن هذا الخطاب غير ملائم بحسب الظاهر؛ لأن النهي المذكور محال في حقه صلّى الله عليه وسلّم.

وحاصل الجواب: أن متعلق الامتراء هو علم أهل الكتاب بحقية القرآن. وهو أحد الأجوبة في الكشاف. والثاني: أنه من باب التهييج، والتحريض على الأمر. والثالث: أن الخطاب له صلّى الله عليه وسلّم، لكن المقصود الغير. انتهى جمل بتصرف.

أقول: أو أنه على سبيل الفرض، والتقدير؛ لأنه من المحال أن يشك النبي صلّى الله عليه وسلّم في شيء، أو يبني شيئا من أموره على الشك. وانظر الآية رقم [٢/ ١٤٧]. هذا؛ وقد كان المشركون يقولون للنبي صلّى الله عليه وسلّم: اجعل بيننا وبينك حكما. فأمره الله أن يجيبهم بما في الآية الكريمة من جواب.

الإعراب: {أَفَغَيْرَ:} الهمزة: حرف استفهام، وإنكار، وتوبيخ. الفاء: حرف عطف.

(غير): مفعول به مقدم، و (غير) مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه. {أَبْتَغِي:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: «أنا». {حَكَماً:} حال، أو تمييز ل‍ (غير). ذكره الحوفي، وأبو البقاء، وابن عطية. هذا؛ وجوز اعتبار (غير) حالا من:

{حَكَماً،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، وانظر الآية رقم [١٦٤] الآتية. فيكون:

{حَكَماً} مفعولا به، والجملة الفعلية: {أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي} معطوفة على مقدر يقتضيه الكلام،

<<  <  ج: ص:  >  >>