{وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ تَوّابٌ حَكِيمٌ (١٠)}
الشرح: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ} أي: كرمه، وجوده، وإحسانه. {وَرَحْمَتُهُ:} الواسعة التي وسعت كل شيء، وجواب (لولا) محذوف، تقديره: لفضحكم، ولكنه ستر عليكم، أو:
لعاجلكم بالعقوبة، ولكنه رحيم بكم؛ حيث دفع عنكم الحد باللعان. هذا؛ وفي {عَلَيْكُمْ} التفات عن الغيبة في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ،} وفي قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ} انظر الالتفات في الآية رقم [٣٤] من سورة (الأنبياء) والخطاب لكل من الفريقين، أي: القاذفين، والمقذوفات، ففي الكلام تغليب صيغة الذكور على صيغة الإناث؛ حيث لم يقل: عليكم، وعليكن، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
{تَوّابٌ:} كثير قبول التوبة من عباده، أو الرجاع على عباده بالرحمة، والمغفرة، فهو صيغة مبالغة. وتوبة العبد: رجوعه عن المعصية إلى الطاعة، وقرع باب ربه بالندم، والإنابة.
{حَكِيمٌ:} فيما قدر، وقضى، وفعل من فرض الحدود، ووضع الزواجر عن المعاصي، والسيئات، لا يقضي، ولا يفعل إلا ما فيه حكمة؛ وإن خفيت على كثير من الناس. وانظر شرح لفظ الجلالة في الآية رقم [٣] من سورة (الحج).
الإعراب: {وَلَوْلا:} الواو: حرف استئناف. (لولا): حرف امتناع لوجود متضمن معنى الشرط. {فَضْلُ:} مبتدأ، وهو مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله.
{عَلَيْكُمْ:} متعلقان بالمصدر {فَضْلُ} وهذا على اعتبار خبر المبتدأ محذوفا، التقدير: موجود.
هذا؛ ويجوز اعتبار الجار والمجرور متعلقين بمحذوف خبر المبتدأ وهو قول ابن الشجري، ورده ابن هشام في المغني؛ لأن خبر المبتدأ بعد لولا واجب الحذف، والجملة الاسمية ابتدائية لا محل لها، وجواب لولا محذوف، انظر تقديره في الشرح. {وَرَحْمَتُهُ:} معطوف على {فَضْلُ} والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، ومتعلقه محذوف؛ إذ التقدير: رحمته بكم. {وَأَنَّ:} الواو: حرف عطف. (أن): حرف مشبه بالفعل. {اللهِ:}
اسمها. {تَوّابٌ حَكِيمٌ:} خبران لها، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع معطوف على {فَضْلُ اللهِ} ولولا ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له.
{إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اِكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١)}
الشرح: {جاؤُ:} هذا الفعل وقع هنا لازما متعديا بالحرف، ويأتي متعديا، وهو كثير.
(الإفك): هو أبلغ ما يكون من الكذب، والافتراء، وأصله الأفك، وهو القلب؛ لأنه قول مأفوك