للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {إِلاّ:} حرف حصر، أو أداة استثناء. {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب على الاستثناء، أو في محل رفع بدل من واو الجماعة؛ لأن الكلام تام منفي، وما كان من هذا الباب يجوز فيه الوجهان. {خَطِفَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى {مَنْ} تقديره: «هو». {الْخَطْفَةَ:} مفعول به، وقيل: مفعول مطلق، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. وهذا الإعراب يجعل الجملة الفعلية الآتية غير مرتبطة بما قبلها إعرابا مع أنها مرتبطة به معنى، لذا فالوجه اعتبار: {مَنْ} مبتدأ، والجملة الفعلية الآتية في محل رفع خبره، والفاء زائدة لتحسين اللفظ؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، والجملة الاسمية: {مَنْ..}. إلخ في محل نصب على الاستثناء المنقطع من مضمون الكلام السابق. وقول الجمل: «ويجوز أن تكون {مَنْ} شرطية» لا وجه له ألبتة. {فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ:}

ماض، ومفعوله، وفاعله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصلة، أو في محل رفع خبر:

{مَنْ} وهو المعتمد. {ثاقِبٌ:} صفة: {شِهابٌ}.

{فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١)}

الشرح: {فَاسْتَفْتِهِمْ} أي: اسأل أهل مكة، والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا} أي: أيهم أقوى بنية، وأشد خلقا، هل هم، أم السموات، والأرض وما بينهما من الملائكة، والمخلوقات العظيمة العجيبة؟ فإنهم يقرون: أن هذه المخلوقات أشد خلقا منهم.

وإذا كان الأمر كذلك؛ فلم ينكرون البعث؛ وهم يشاهدون ما هو أعظم مما ينكرون؟! كما قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.

رقم [٥٧] من سورة غافر. {إِنّا خَلَقْناهُمْ} أي: ابتدأنا خلقهم. {مِنْ طِينٍ لازِبٍ:} لاصق، لازق، ومنه قول علي-رضي الله عنه-: [الطويل] تعلّم فإنّ الله زادك بسطة... وأخلاق خير كلّها لك لازب

وقال النابغة الذبياني: [الطويل] ولا تحسبون الخير لا شرّ بعده... ولا تحسبون الشّرّ ضربة لازب

فلم تحذف النون من الفعلين حملا ل‍: «لا» الناهية على النافية، وذلك لضرورة الشعر. وهذا يسمى بتقارض اللفظين. انظر مبحثه في كتابنا فتح القريب المجيب.

وقال عكرمة: {لازِبٍ:} لزج. وقال سعيد بن جبير: أي: جيد، حر، يلصق باليد. وقال مجاهد: {لازِبٍ:} لازم. والعرب تقول: طين لازم، ولازب، والمراد: خلق آدم عليه السّلام من الطين، والبشرية نسله، فهم مخلوقون من الطين مثله بالانتساب إليه. وهذا خلق غير مباشر،

<<  <  ج: ص:  >  >>