للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {سُبْحانَهُ:} مفعول مطلق لفعل محذوف، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر، أو اسم المصدر لفاعله، فيكون المفعول محذوفا، أو من إضافته لمفعوله، فيكون الفاعل محذوفا، والجملة الفعلية الحاصلة منه، ومن فعله المحذوف مستأنفة، لا محل لها. {وَتَعالى:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى (الله)، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {عَمّا:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو ب‍: (سبحان) أو بفعله المحذوف على التنازع، و (ما): تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر ب‍: (عن)، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: عن الذي، أو عن شيء يقولونه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤوّل مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر ب‍: (عن)، التقدير:

تعالى الله عن قولهم. {عُلُوًّا:} مفعول مطلق. {كَبِيراً:} صفته. هذا؛ و {عُلُوًّا} وضع موضع تعاليا؛ لأنه مصدر الفعل: (تعالى) ويجوز أن يقع مصدر موقع آخر من معناه.

تنبيه: يقرأ الفعل {يَقُولُونَ} في هذه الآية وسابقتها بالياء والتاء، وبالياء في الأولى، والتاء في الثانية فالقراءات ثلاث كلها سبعية، وعلى الأخيرة يكون في الكلام التفات، انظره في الآية [٢٢] من سورة (النحل).

{تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً (٤٤)}

الشرح: {تُسَبِّحُ لَهُ:} لله عز وجل. {السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} أي: الملائكة، والإنس والجن. {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} أي: ما من شيء في الدنيا إلا يسبح الله ويقدسه، واختلف في هذا العموم، فقالت فرقة: المراد به تسبيح دلالة، وكل محدث يشهد على نفسه بأن الله عز وجل خالق قادر. وقالت فرقة أخرى: هذا التسبيح حقيقة، وكل شيء على العموم يسبح تسبيحا لا يسمعه البشر، ولا يفقهه، وهذا هو المعتمد، ويستدل به بقول الله تعالى في سورة (ص):

{وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوّابٌ (١٧) إِنّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ} وقوله جل ذكره في سورة (البقرة) [٧٤]: {وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ} وقوله تعالى شأنه في سورة (مريم):

{وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً}.

فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: ما من صباح، ولا رواح إلا تنادي بقاع الأرض بعضها بعضا: يا جارة هل مرّ بك اليوم عبد فصلّى لله، أو ذكر الله عليك؟ فمن قائلة: لا، ومن قائلة: نعم، فإذا قالت: نعم رأت لها بذلك فضلا عليها. وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يسمع صوت المؤذّن جنّ، ولا إنس، ولا شجر، ولا حجر، ولا مدر، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة».

رواه ابن ماجة، ومالك من حديث أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-. وخبر حنين الجذع أيضا

<<  <  ج: ص:  >  >>