للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حال من: {رَحْمَةً} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا على القاعدة: «نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا». (إذا): كلمة دالة على الفجاءة، وهي رابطة لجواب (إذا) الشرطية قبلها، وانظر الآية رقم [٢٥]. {فَرِيقٌ:} مبتدأ. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {فَرِيقٌ}. {بِرَبِّهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة... إلخ. {يُشْرِكُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية: {فَرِيقٌ..}. إلخ جواب {إِذا} الشرطية، و {إِذا} ومدخولها كلام معطوف على ما قبله، لا محل له مثله، وفي الآية دليل واضح على أن «إذا» الشرطية لا تكون معمولة لجوابها؛ لأن ما بعد «إذا» الفجائية، لا يعمل فيما قبلها. هذا؛ ومثل هذه الآية في المعنى، والإعراب الآية رقم [٥٤] من سورة (النحل).

{لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤)}

الشرح: {لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ:} اللام لام التعليل، ومتعلقة بما قبلها؛ إذ التقدير: فريق منهم بربهم يشركون؛ ليكونوا كافرين بشركهم نعمة النجاة، وجمع الضمير مراعاة لمعنى {فَرِيقٌ}. {فَتَمَتَّعُوا:} لفظه أمر، ومعناه: التهديد، والوعيد، والمعنى: فاسرحوا في هذه الدنيا الفانية، وامرحوا إلى انتهاء آجالكم، وقرئ: «(وليتمتعوا)». وقيل: اللام فيه للأمر، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٦٦] من سورة (العنكبوت) ففيها الكفاية. {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ:} سوء تدبيركم عند تدميركم، فهذا تهديد بعد تهديد، ووعيد بعد وعيد. والالتفات من الغيبة إلى الخطاب واضح وظاهر، ويقرأ: (يعلمون) بالياء ليوافق: (ليتمتعوا) فتكون الآية قد وافقت آية (العنكبوت) رقم [٦٦] بحروفها، وعلى القراءة بالتاء فهي موافقة للآية رقم [٥٥] من سورة (النحل) بحروفها.

هذا؛ والكفر: ستر الحق بالجحود، والإنكار، وكفر فلان النعمة، يكفرها كفرا، وكفورا، وكفرانا: إذا جحدها، وسترها، وأخفاها، وكفر الشيء: ستره وغطاه. وسمي الكافر كافرا؛ لأنه يغطي نعم الله بجحدها، وعبادته غيره. وسمي الزارع: كافرا؛ لأنه يلقي البذر في الأرض، ويغطيه، ويستره بالتراب، قال تعالى في تشبيه حال الدنيا: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفّارَ نَباتُهُ} وسمي الليل: كافرا؛ لأنه يغطي، ويستر كل شيء بظلمته، قال لبيد بن ربيعة الصحابي-رضي الله عنه-في معلقته البيت رقم [٦٥] وما بعده: [الطويل] وألقيتها بالثّني من جنب كافر... كذلك ألقي كلّ رأي مضلّل

رضيت لها بالماء لمّا رأيتها... يجول بها التّيّار في كلّ جدول

<<  <  ج: ص:  >  >>