للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول مثلها، وجملة: «يقال...» إلخ المقدرة معطوفة على جملة {تَلْفَحُ..}. إلخ على جميع الوجوه المعتبرة فيها، والمقدّر كالموجود.

{قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ (١٠٦)}

الشرح: {قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا:} يقرأ: «(شقاوتنا)». قال القرطبي: وأحسن ما قيل في معناه: غلبت علينا لذاتنا، وأهواؤنا. فسمى اللذات والأهواء شقوة؛ لأنهما يؤديان إليها، كما قال تعالى في سورة (النساء) رقم [١٠]: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً؛} لأن ذلك يودي بهم إلى النار، وقيل: ما سبق في علمك، وكتب علينا في أمّ الكتاب من الشقاوة. وهذا رده النسفي بقوله:

لا يصح؛ لأنه إنما يكتب ما يفعل العبد، وما يعلم: أنه يختاره، ولا يكتب غير الذي علم أنه يختاره، فلا يكون مغلوبا، ومضطرا في الفعل، وهذا؛ لأنهم إنما يقولون ذلك اعتذارا لما كان منهم من التفريط في أمره، فلا يجمل أن يطلبوا لأنفسهم عذرا فيما كان منهم. انتهى.

وانظر الفعل «يشقى» في الآية رقم [٢] من سورة (طه).

{وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ} أي: كنا في فعلنا ضالين عن الهدى، وليس هذا اعتذارا منهم، إنما هو إقرار، ويدل عليه الآية التالية. هذا؛ وانظر شرح: {رَبِّ} في الآية رقم [٩٤]، وشرح {قَوْماً} في الآية رقم [٢٣]، وإعلال {كُنْتُمْ} في الآية رقم [٣٨] من سورة (الأنبياء).

الإعراب: {قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتفريق. {رَبَّنا:} منادى حذف منه أداة النداء، و (نا): في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {غَلَبَتْ:}

ماض، والتاء للتأنيث. {عَلَيْنا:} متعلقان بما قبلهما. {شِقْوَتُنا:} فاعل، و (نا): في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله. والجملتان الندائية، والفعلية كلتاهما في محل نصب مقول القول. {وَكُنّا:} الواو: حرف عطف. (كنا): ماض ناقص مبني على السكون، و (نا):

اسمه. {قَوْماً:} خبر (كان). {ضالِّينَ:} صفة {قَوْماً} منصوب مثله، وعلامة نصبه الياء... إلخ، وجملة {وَكُنّا قَوْماً ضالِّينَ} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب حال مثلها، وجملة: {قالُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ (١٠٧)}

الشرح: {رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها} أي: من النار، طلبوا الرجعة إلى الدنيا، كما طلبوها عند الموت، كما رأيت في الآية رقم [٩٩]. {فَإِنْ عُدْنا} أي: رجعنا إلى الكفر، والتكذيب بما جاءت به الرسل. {فَإِنّا ظالِمُونَ} أي: لأنفسنا، والله أعلم بمراده.

<<  <  ج: ص:  >  >>