للتعذر، و (جنى) مضاف، و {الْجَنَّتَيْنِ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {دانٍ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، وإن اعتبرتها في محل نصب حال؛ ففيه ضعف ظاهر. وقيل: معطوفة على ما قبلها.
{فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧)}
الشرح: {فِيهِنَّ:} في الجنتين المذكورتين. قال الزجاج: وإنما قال: {فِيهِنَّ} ولم يقل:
فيهما؛ لأنه عنى الجنتين، وما أعد لصاحبهما من النعيم. وقيل: {فِيهِنَّ} يعود على الفرش التي بطائنها من إستبرق؛ أي: في هذه الفرش.
{قاصِراتُ الطَّرْفِ:} قصرن أعينهن على أزواجهن لا يرين ولا ينظرن غيرهم. قال ابن زيد -رحمه الله تعالى-: تقول الواحدة منهن لزوجها: وعزة ربي ما أرى في الجنة أحسن منك، فالحمد لله الذي جعلك زوجي، وجعلني زوجتك. فقاصرات اسم فاعل من قولهم: اقتصر على كذا إذا اقتنع به، وعدل عن غيره. قال امرؤ القيس: [الطويل] من القاصرات الطّرف لو دبّ محول... من الذّرّ فوق الإتب منها لأثّرا
ويروى (فوق الخدّ) والأول أبلغ، والإتب القميص، والمحول الصغير من الذر، وأما الطرف فهو تحريك جفن العين؛ إذا نظرت، فوضع موضع النظر، ولما كان الناظر موصوفا بإرسال الطرف في نحو قول الشاعر: [الطويل] وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا... لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كلّه أنت قادر... عليه ولا عن بعضه أنت صابر
وقد وصف آصف سليمان برد الطرف، ووصف الطرف بالارتداد بقوله تعالى حكاية عن قول آصف: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} في الاية رقم [٤٠] من سورة (النمل) وقد يراد بالطرف الجفن خاصة كما في قول عمر بن أبي ربيعة المخزومي: [الطويل] أشارت بطرف العين خيفة أهلها... إشارة محزون ولم تتكلّم
فأيقنت أنّ الطرف قد قال: مرحبا... وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم
هذا؛ وفي المختار: الطرف: العين، ولا يثنى، ولا يجمع؛ لأنه في الأصل مصدر، فيكون واحدا جمعا، قال تعالى: {لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ} الاية رقم [٤٣] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. ومثله قولهم: قوم عدل وصوم.