للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جر. (ما): مصدرية. {كَفَرُوا:} فعل ماض وفاعله، والألف للتفريق، و (ما) والفعل في تأويل مصدر في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {وَهَلْ:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. (هل): حرف استفهام بمعنى النفي. {نُجازِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {إِلاَّ:} حرف حصر. {الْكَفُورَ:} مفعول به أول، والمفعول الثاني محذوف، ومثله قراءة «(نجزي إلا الكفور)»، وأما قراءة «(يجازى)» أو «(يجزى)» فهو مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، و «(الكفور)» نائب فاعله، وعلى قراءة: «(يجزي إلا الكفور)» فالفاعل يعود إلى: (الله) و (الكفور) مفعول به، والجملة على جميع القراءات لا محل لها، سواء عطفتها، أو استأنفتها.

{وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيّاماً آمِنِينَ (١٨)}

الشرح: {وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها:} المراد بها قرى بلاد الشام وأرضها، والبركة حصلت فيها من كثرة الأنبياء؛ الذين بعثوا فيها، فانتشرت في العالمين شرائعهم، التي هي مبدأ الكمالات، والخيرات الدينية، والدنيوية. وقيل: مباركة لكثرة خصبها، وثمارها، وأنهارها، ولأنها معادن الأنبياء. والبركة: ثبوت الخير، ومنه: برك البعير: إذا لزم مكانه، فلم يبرح. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٣٥] من سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. هذا؛ وهناك أحاديث كثيرة في فضل بلاد الشام، والترغيب في سكناها موجودة في كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري-رحمه الله تعالى-.

{قُرىً ظاهِرَةً} أي: متواصلة تظهر الثانية من الأولى لقربها منها، قيل: كان متجرهم من اليمن إلى الشام، فكانوا يبيتون بقرية، ويقيلون بأخرى، وكانوا لا يحتاجون إلى حمل زاد وماء من اليمن إلى الشام. وقيل: كانت القرى أربعة آلاف وسبعمائة قرية متصلة من سبأ إلى الشام.

{وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ} أي: جعلنا السير بين قراهم وبين القرى التي باركنا فيها سيرا مقدرا من منزل إلى منزل، فكان سيرهم في الغدو، والرواح على قدر نصف يوم، فإذا ساروا نصف يوم وصلوا إلى قرية ذات مياه، وأشجار. {سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيّاماً آمِنِينَ} أي: وقلنا لهم:

سيروا... إلخ: أي لا تخافون جوعا ولا عطشا، ولا عدوا، فبطروا النعمة، وسئموا الراحة، وطغوا، ولم يشكروا على العافية، فقالوا: لو كانت حياتنا أبعد مما هي لكان أجدر أن نشتهيها، وطلبوا الكد، والتعب في الأسفار، وهو ما في الآية التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>